وعد بفضح رموزٍ بالانقلاب.. تهديدات آل الشيخ تربك نظام السيسي واتصالات مع السعودية لكبح جماحه

- ‎فيتقارير

يبدو أن العيار الذي أطلقه تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الرياضة السعودية، بعد الحديث عن نشر تسريبات ستفضح العديد من رموز الانقلاب العسكري في مصر، أصبح يشكل هاجسا وصداعًا كبيرًا في رأس نظام عبد الفتاح السيسي، خاصة بعد نجاح تركي آل الشيخ في كشف الفساد وملايين الدولارات التي دعم بها رجال السيسي في عدد من الأندية مثل رئيس النادي الأهلي محمود الخطيب، الذي حصل على 260 مليون جنيه من آل الشيخ دون معرفة أوجه صرف هذه الأموال.

وبعد انسحاب آل الشيخ من الاستثمار الرياضي في مصر، بعد سباب الجماهير له في مباراة الأهلي ونادي حوريا الغيني في بطولة أبطال إفريقيا، قرر آل الشيخ الانسحاب من الاستثمار الرياضي في مصر، وإغلاق قناة نادي بيراميدز التي يملكها، وتسريح اللاعبين بالنادي الذي يملكه أيضا (بيراميدز).

وبالرغم من ترضيات نظام الانقلاب لآل الشيخ ووعده بمعاقبة الجمهور، بعد أن صرح له بذلك مدير مخابرات السيسي اللواء عباس كامل، إلا أن الشيخ لم يرض بهذه الترضيات، كما لم يقبل شفاعة عدد من رموز السيسي بالعدول عن الانسحاب من الاستثمار في مصر، وقرر تصعيد الأزمة برفع دعاوى قضائية على عدد من رموز الانقلاب، وأعلن أنه سيقوم بفضح شخصيات كبيرة في الدولة، لم يسمها، من خلال بعض الوثائق والمستندات، الأمر الذي أدى إلى عدة اتصالات نفذتها سلطات الانقلاب بالجانب السعودي، لكبح جماح آل الشيخ.

اتصالات مكثّفة

ونقلت صحيفة “العربي الجديد” عن مصادر بحكومة الانقلاب، أنّ اتصالات مكثّفة جرت خلال اليومين الماضيين بين الدائرة الخاصة برئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، التي يديرها مدير الاستخبارات العامة، اللواء عباس كامل، وعدد من المسئولين السعوديين، وذلك للحدّ من تفاقم الأزمات التي تسبب بها آل الشيخ أخيرا.

وقالت المصادر، إنّ الاتصالات التي تصدّرها عباس كامل نفسه، والسفير السعودي السابق في القاهرة أحمد قطان، الذي يتولّى حاليا منصب وزير الشئون الإفريقية، تركّزت على “ضرورة إيقاف آل الشيخ عن ممارسات غير مسئولة من شأنها إفساد العلاقة بين البلدين من جهة، ومن جهة أخرى تؤثّر على نظام السيسي داخليا، إذ تمنح الفرصة للجماهير للخروج عن الالتزام الأمني في الملاعب والشوارع”.

وأضافت أنّ تقارير أمنية واستخباراتية حذّرت من تحوّل المباريات لفرصة لتنظيم تجمعات وتظاهرات تتدرّج في موضوعاتها من آل الشيخ والسعودية إلى مجالات أخرى.

مخابرات السيسي

كما أصدرت مخابرات السيسي تعليماتها لوسائل الإعلام بعدم التركيز على المشكلة التي اندلعت أخيرا بين آل الشيخ وشركة “صلة” السعودية من جهة، وشركة “بريزينتيشن” مالكة حقوق بثّ الدوري المصري من جهة أخرى، حيث طالبت الشركة المصرية التابعة بشكل مباشر لأجهزة سيادية، شركة “صلة” بسداد كامل قيمة تعاقدها معها لهذا العام، بعد أيام من إعلان تخلّيها عن رعاية النادي الأهلي وخروجها من السوق المصرية.

وأشارت المصادر الحكومية إلى أنّ آل الشيخ هدّد بتحريك دعاوى قضائية في الخارج ضدّ مصر، بحجة فشلها في رعاية الاستثمار وحمايته، فردّت مصر بالتصعيد من خلال “بريزينتيشن”. وبعدها بساعات تواصلت شخصيات رفيعة من القاهرة مع شخصيات في الرياض مطالبةً بوقف “هذا العبث”، ومؤكدةً أنّ السيسي يبذل قصارى جهده لضبط النفس وعدم الانجرار لاتخاذ قرارات صدامية تجاه تصرفات آل الشيخ، تقديرا لمحمد بن سلمان.

ضغوط متقابلة

وأكّدت أنّ ما يحدث حالياً في الكواليس “يتمثّل في ضغوط متقابلة يمارسها كل طرف على الآخر لإجباره على اتباع سياسته. فالسيسي وعباس كامل متحمّسان للمشروع الرياضي السعودي في مصر، لكنّهما شعرا بالخطر نتيجة تصرفات آل الشيخ غير المسئولة وتصرّفه كشخصية فوق الدولة، متمتعا بالحماية الاستثنائية التي وفّرها السيسي له منذ أن بدأ نشاطه في مصر نهاية العام الماضي كرئيس فخري للنادي الأهلي”.

في المقابل، يرى آل الشيخ أنّ السيسي وعباس كامل لا يحميانه بشكل كافٍ، ويطالب بتحميل شخصيات بعينها ثأره الشخصي مع الجماهير، منهم أعضاء في مجلس إدارة النادي الأهلي واتحاد الكرة، ويستخدم في ذلك سياسة صديقه النائب مرتضى منصور، القائمة على التهديد بالانسحاب، للابتزاز ثمّ العودة للميدان.

كانت قناة “بيراميدز” الرياضية المصرية قد قطعت إرسالها، مساء الثلاثاء الماضي، بعد ساعات من صدور قرار المجلس الأعلى للإعلام بوقف برنامج يقدّمه الإعلامي الرياضي مدحت شلبي، على شاشتها لمدة 15 يوما. وهو القرار الذي اعتبرته المصادر الحكومية موجها ومقصودا من الدولة لوقف التراشق الإعلامي لفترة تتيح التفاوض.

وقالت مصادر من داخل القناة، إنّ الإدارة أبلغت موظفيها بقطع الإرسال، وبوقف إنتاج البرامج حتى إشعار آخر، مع تعهّد باستمرار صرف مستحقاتهم، وأنّ هذه الخطوة اتخذت احتجاجا على منع شلبي من الظهور، وقرار المجلس الأعلى للإعلام بمنع ظهور مرتضى منصور في وسائل الإعلام.

“تريند مصري”

وأعلن آل الشيخ، الأسبوع الماضي، عن سحب استثماراته من مصر والمتمثلة في امتلاكه نادي “بيراميدز” (الأسيوطي سابقا) وقناة “بيراميدز” الرياضية، وذلك بعد أيام من تعرضه لهتافات ساخطة وسباب كثيف من قبل جمهور النادي الأهلي أثناء مباراته الماضية بربع نهائي دوري أبطال إفريقيا.

وتحوّل سباب آل الشيخ الذي ردّدته الجماهير إلى “تريند مصري” على مواقع التواصل الاجتماعي، ما اعتبره آل الشيخ هجوما منظما يقف وراءه بالمال والتنظيم عضوان أو ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة النادي الأهلي، عرفوا منذ أشهر بمعارضتهم لتجربة آل الشيخ السابقة في الأهلي، وحاولوا التصدي لهجومه المستمرّ على النادي ورئيسه محمود الخطيب.

وتأتي هذه المستجدات بعد أيام قليلة من تفاوض آل الشيخ مع مدير شركة “إعلام المصريين” تامر مرسي لشراء حصة من أسهم الشركة تمكّنه من إدارتها مع استمرار مرسي ومساعديه فيها، وذلك في إطار التعاطي السعودي مع التوجّه الرسمي المصري للتخفيف من أعباء وسائل الإعلام المحلية المدارة حاليا بواسطة الصندوق الاستثماري “إيغل كابيتال”، التابع للاستخبارات العامة، والذي تديره وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد.

وكان آل الشيخ، الذي دأب على استفزاز المصريين عبر تدويناته، خصوصا في فترة كأس العالم الماضية، قد اتفق في إبريل الماضي مع الدائرة الخاصة بالسيسي وعلى رأسها عباس كامل، على تدشين شبكة بأموال سعودية لإنتاج محتوى ترفيهي سياسي رياضي مصري. وبالفعل، تمّ الاتفاق على ضمّ عدد من كبار الإعلاميين المصريين، وتمّ تقسيم الشبكة لقناة رياضية جديدة تابعة للنادي الذي امتلكه آل الشيخ حديثاً، مع الاكتفاء بشبكة “إم بي سي” كبوتقة للمحتوى السياسي من هذه الخطة، متعاقدا فيها مع الإعلامي عمرو أديب.