تسليم “عشماوي”.. فيلم سيساوي سخيف للتغطية على فضائح تقرير “هيومن رايتس”

- ‎فيتقارير

بمشاهد أشبه بأفلام “المافيا الإيطالية” فى سينما التسعينات، أعلن نظام السيسي عن تسلم الضابط السابق في الجيش المصري وزعيم ما يعرف بـ”تنظيم المرابطين”، هشام عشماوي، من قوات اللواء الانقلابي المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا.

ويأتي تسلُّم عشماوي، المتهم في قضايا إرهاب، عقب وقت قصير من زيارة قام بها رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل، مساء أول أمس الثلاثاء، إلى ليبيا التقى خلالها حفتر، إلا أن شكوكًا تنفى تلك الرواية الخاصة بتسلّم مصر لضابط الصاعقة السابق هشام عشماوي.

وقالت مصادر ليبية محسوبة على معسكر الشرق، إنّ الأجهزة الأمنية المصرية تسلمت عشماوي بعد أيام قليلة من إلقاء القبض عليه في عملية عسكرية مشتركة بمدينة درنة الليبية منذ ثمانية أشهر، بصحبة مساعده إيهاب عبد العاطي، وزوجة القيادي بتنظيم “المرابطون” (الذي كان عشماوي قد أسسه) عمر رفاعي سرور وأبنائه، بشكل غير معلن.

توقيت التسليم

كان التلفزيون المصري قد زفّ نبأ قدوم “الإرهابي” في ساعة متأخرة من مساء أول أمس الثلاثاء، وزعم أنه تم نقل عشماوي إلى مصر من شرق ليبيا في طائرة عسكرية.

وعرضت عدة قنوات تلفزيونية موالية لسلطة الانقلاب، لقطات حية لهبوط الطائرة العسكرية في مطار القاهرة وصعود مذيع لتصوير عشماوي الذي كان معصوب العينين وحول أذنيه كمامات، ويحيط به عدد من عناصر القوات الخاصة الملثمين والمدججين بالسلاح.

وقال المذيع “خالد أبو بكر”، في الوقت الذي رفع فيه ضابط بالمخابرات كمامات الأذن عن عشماوي: “أنت في مصر دلوقتي يا هشام، حمد الله على السلامة يا هشام”.

وشوهد معتقل آخر- لم يذكر اسمه- مكبل اليدين ومعصوب العينين أيضا، وقال مصدران في المخابرات لرويترز، إن الرجل يدعى صفوت زيدان، وهو حارس شخصي لعشماوي.

وظهرت لقطات لعشماوي وهو يسير بصعوبة نحو سيارة سوداء كانت متوقفة على أرض المطار وحوله اثنان من ضباط الأمن.

من جهتها، رجّحت مصادر أن يكون السبب في الإعلان عن تسلّم عشماوي رسميًّا في هذا التوقيت، هو تبرير دعم نظام الانقلاب لقوات حفتر في هجومها على العاصمة طرابلس الواقعة تحت سيطرة حكومة الوفاق المعترف بها دوليًّا، وتصوير ذلك على أنه تعاون مشترك في مجال محاربة الإرهاب. كما توقّعت المصادر مشاركة مصرية فعلية في العمليات العسكرية الرامية لدخول العاصمة من جانب قوات حفتر، لحسم المعارك، بعدما فشلت الأخيرة في دخولها على مدار نحو شهر ونصف الشهر.

قاعدة محمد نجيب

وبحسب المصادر، فإنّ قوة من الاستخبارات العامة كانت قد تسلّمت عشماوي بعد إلقاء القبض عليه بنحو شهر على يد قوة عسكرية من كتائب عمر المختار التابعة لقوات حفتر، بدعم لوجستي ومعلوماتي مصري في حي المغار بمدينة درنة، لافتةً إلى أنّ سلطات السيسي أودعته قاعدة عسكرية في الغرب، في إشارة إلى قاعدة محمد نجيب العسكرية، المتاخمة للحدود المصرية الليبية.

وحُكم على عشماوي غيابيًّا بالإعدام لإدانته بالتورط في هجمات، بينها وقع هجوم في 2014 أسفر عن مقتل 22 من قوات حرس الحدود قرب الحدود مع ليبيا.

وكان عشماوي- ويعرف باسمه الحركي أبو عمر المهاجر المصري وأمير جماعة المرابطين- أحد أبرز المطلوبين من جانب نظام السيسي.

فيلم هندي

واعتبرت المصادر أنّ العملية التي تمّ تصويرها وإذاعتها على الهواء في بث مباشر، كانت عبارة عن نقله من (قاعدة محمد نجيب) إلى القاهرة، لسبب سياسي ما، عقب زيارة قام بها عباس كامل لحفتر.

ويأتي هذا في الوقت الذي كشف فيه مصدر مقرب من أسرة عشماوي، عن أنه في شهر أكتوبر 2013، اقتحمت قوات السيسي مسكن عشماوي بحي مدينة نصر، موضحةً أنه بعد تفتيش المسكن وعدم العثور عليه، قامت باعتقال زوجته التي كانت تشغل عضوية هيئة التدريس بجامعة عين شمس، قبل أن يتم الإفراج عنها لاحقا بعد نحو شهر من الاعتقال.

ولفتت إلى أنه بعد فترة اختفت زوجة عشماوي، مرجّحة أن تكون لحقت به فى إحدى المناطق الليبية. وأشارت المصادر إلى أنه في وقت سابق رفضت الجامعة موضوع رسالة الدكتوراه المقدمة من الزوجة والتي كانت بعنوان “مسائل العقيدة من كتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، دراسة استيعابية”.

وكانت مجموعة عسكرية من 7 أفراد تابعة للواء عمر المختار في درنة الليبية، قد ألقت القبض على عشماوي بعد قصف عنيف على حي المغار بمدنية درنة، فجر الإثنين الموافق في 8 أكتوبر الماضي.

تقرير “هيومن رايتس”

فى حين قال ناشطون وصحفيون، إن المبالغة التي رافقت تسلم مصر للضابط السابق “هشام عشماوي” كان للتغطية على تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، الذي تسبب في حالة غضب شديد لدى سلطات السيسي.

وكان المتحدث باسم الجيش المصري قد زعم أن التقرير جاء مغايرًا للحقيقة ومعتمدًا على “مصادر غير موثقة”. وأن بعض المنظمات “المسيسة” تسعى لتشوية صورة مصر وجيشها بادعاءات ليس لها أي أساس من الصحة.

وسائل إعلام مصرية وإعلاميون ومغردون موالون للانقلاب شنوا حملة على مواقع التواصل لتسفيه منظمة هيومن رايتس ووتش، واتهامها بالكذب، لحد اتهام المنظمة بأنه “يعمل بمقرها قيادات من جماعة الإخوان”.

صيد ثمين

الكاتب الصحفي سليم عزوز علّق على “الأكشن المصرى” قائلا: لا ينكر أحد أن “هشام عشماوي” صيد ثمين، نظرا لما مثله من تهديد أمني، لكن الفرح بتسليمه بدا كما لو كان انتصارا للجيش المصري، وكما لو كان تم الإيقاع به بعملية استخباراتية مصرية، أعادت للأذهان العمليات الكبرى في تاريخ المخابرات المصرية، والتي ربما لا يعرفها كثير من المصريين إلا من خلال الدراما!.

وأضاف ساخرًا: حالة الفرح المبالغ فيها عبر منصات التواصل الاجتماعي، صورت عملية القبض على المذكور كما لو كانت قد تمت حالا، ولأنه سبق الإعلان أن مليشيات خليفة حفتر ألقت القبض عليه، فقد شكك البعض في الموضوع برمته، لأن أجواء الفرح تجاهلت أن كل الدور المصري في الأمر، هو أنها تسلمته من قبل الجانب الليبي، فلا انتصار هنا يذكر، وإذا كان الإيقاع به عملية تستحق الإشادة، فإن الأولى بها هو الجانب الليبي!.

وتابع “عزوز”: الحقيقة الغائبة في الموضوع أن “هشام عشماوي” وتنظيمه الذي شكله من أربعة ضباط بالجيش المصري، ليسوا جزءا من الثورة المصرية، وليسوا أعضاء في جماعة الاخوان المسلمين، وليسوا من أنصار شرعية الرئيس محمد مرسي، وليسوا جزءا من مكونات المعارضة المصرية، في الداخل أو في الخارج، ولكنه من خير أجناد الأرض، تماما كما كان قتلة السادات من خير أجناد الأرض، لانتمائهم للجيش المصري، فهشام عشماوي هو ضابط بالصاعقة، وكان يمكن أن تشمله أغنية “وقالوا ايه علينا دولا وقالوا ايه”. وهو النشيد الذي تم فرضه على المدارس في العام الماضي، وتم وقفه في العام الحالي بعد أن أصبح يتم الترويج له من باب السخرية، التي ضاعف منها ليس فقط ركاكة الكلمات، ولكن النطق الريفي لكلماتها، كما في حالة مدير مدرسة بالصعيد!.