السيسي يكرر خيانته القبرصية بترسيم حدود مصر مع اليونان رغم اعتراضات خارجية الانقلاب

- ‎فيتقارير

بعد سلسلة من التنازلات والخيانة والتفريط بأراضي مصر في تيران وصنافير، والحدود البحرية مع قبرص، وسيناء ومياه النيل، يتجه قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي لترسيم حدود مصر البحرية مع اليونان، على الرغم من اعتراضات وزارة الخارجية المصرية، وتحديدا الإدارة القانونية التي قدمت استغاثات وتقارير تحذيرية للرئاسة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية، بأن تطبيق قواعد ترسيم الحدود اليونانية المصرية وفق الرؤية التي تمت مع قبرص وتسببت في فقدان مصر نحو 42 ألف كلم مربع من مياهها الإقليمية والاقتصادية، وهو ما تريد تكراره اليونان، يتنافى تماما مع المصالح المصرية، ويقلص مساحة مصر.

وهو ما يصر السيسي على رفضه نكاية في تركيا، التي تطالب بتطبيق قواعد الجرف القاري من حدود أقرب الجزر إليها، والتي بمقتضاها رسمت حدودها البحرية مع ليبيا، والتي لو طبقت ستمنح مصر ضعف مساحة دلتا مصر، ورغم ذلك يرفضها السيسي الخائن.

ويزور وزير الخارجية اليوناني "نيكوس دندياس"، مصر يوم 18 يونيو الجاري، لاستئناف المفاوضات مع السلطات المصرية حول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

ووفقا لما نقلته وكالة "نوفا" الإيطالية، فإنه في أعقاب التوقيع على اتفاقية لتعيين المناطق الاقتصادية الخالصة بين اليونان وإيطاليا، أعلن "دندياس"، أنه سيزور مصر للحصول على نتيجة مماثلة.

وتأتي الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية اليوناني للقاهرة في وقت بالغ الأهمية بعد ترسيم الحدود بين بلده وإيطاليا.

وتسعى مصر لإسقاط اتفاق حكومة الوفاق الوطني الليبية وتركيا بخصوص التعاون في شرق المتوسط، حيث اتفقت القاهرة وأثينا منذ أشهر عدة على الإسراع في ترسيم الحدود البحرية بينهما.

 

أزمة ثلاثية

وفي 3 يناير الماضي، وقعت قبرص واليونان والكيان الصهيوني في العاصمة اليونانية أثينا، على اتفاق خط أنابيب شرق المتوسط "إيست ميد" لمد أوروبا بالغاز، المتوقع لها أن يواجه عقبات بسبب خلافات حدودية مع قبرص التركية.

وينذر الاتفاق الثلاثي بتهميش مصر التي سيكون دورها فقط استقبال الغاز الإسرائيلي عبر محطتي التسييل وإعادته لـ(إسرائيل)، ثم يصدر بحالته السائلة عبر الأنبوب المقترح.

وهو ما مثل ضربة مشينة وصفها الكثيرون بالخازوق الذي حصل عليه السيسي من منح قبرص أراضي مصرية مكنتها من استثناء مصر من مرور خط الأنابيب في حدودها، وحرمانها من مليارات الدولارات السنوية، التي كانت ستدفعها إسرائيل لمصر، بجانب تنازل مصر عن عدة حقول غاز للإسرائيليين وقبرص.

وعلى طريقة "ما أُريكم إلا ما أرى"، وعلى نفس نهج الخيانة في بيع "تيران وصنافير"، وأيضًا على طريقة "لا أؤمن بدراسات الجدوى ولا أعترفُ بها"، وبنفس نهج "أنا قلت سنة مش 3 سنين يا كامل"، أثناء حفر تفريعة قناة السويس الثالثة، وبأسلوب "الاستهبال" في دمياط حينما قال: "سننتهي من إنشاء جميع الكباري في 3 شهور مش 4 سنين"، تعامل السيسي مع إدارته نفسها بالإهمال و"التطنيش" بل والاستخفاف، حينما قدَّمت له وزارة خارجيّته تقريرًا عاجلًا بمطالب واجبة التنفيذ خلال تواصل إدارة السيسي مع ترسيم الحدود البحرية مع اليونان، مؤكدة أن اليونان لا تراعي الحقوق المصرية، ورغم ذلك يوصي السيسي أجهزته ومخابراته وخارجيته بتعميق علاقات الصداقة مع اليونان.

وهو ما يُعدُّ تفردًا عجيبًا في إدارة دولة الانقلاب، حيث ظل العسكريون متمسّكين بكل شبر من أراضيها، وبذل جيشها الغالي والنفيس من أجل ألّا ينزع أيُّ طرفٍ قيد أنملة من مساحتها وحدودها.

 

وثائق الفضيحة

ونشرت قناة الجزيرة مباشر وثائق حصرية تكشف كواليس التفاوض بين مصر واليونان، حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

وتكشف الوثائق عن خلافات عديدة بين الجانبين المصري واليوناني، وتوصية الخارجية المصرية للرئاسة برفض الطرح اليوناني لتعيين الحدود البحرية.

وتضمّنت الوثائق مذكرة من وزير خارجية الانقلاب سامح شكري للعرض على عبد الفتاح السيسي، تُقر بوجود خلافات في رؤية الجانبين المصري واليوناني لتعيين الحدود بينهما، وأن تمسك اليونان برؤيتها يؤدي لخسارة مصر 7 آلاف كم مربع من مياهها الاقتصادية، موصية رئاسة الانقلاب برفض المقترح اليوناني.

كما تؤكد الوثيقة أن الطرح اليوناني يفضي إلى إقرار القاهرة بأحقية أثينا في المطالبة بمياه مقابلة لمصر أمام السواحل التركية، مساحتها نحو 3 آلاف كم مربع.

أمّا الوثيقة الثانية فقدّمها المستشار عمرو الحمامي، المستشار القانوني في وزارة الخارجية، أرسلها لوزير الخارجية بحكومة الانقلاب سامح شكري، اتهم فيها الجانب اليوناني باللجوء إلى "المغالطات والادعاءات الواهية والأساليب الملتوية" على حد وصفه، في المفاوضات، وتعمده استغلال التوافق السياسي بين البلدين لإحراج الفريق التفاوضي المصري، رغم استناد الأخير إلى حجج قانونية قوية.

أمّا الوثيقة الثالثة فتكشف تجاهل مكتب الرئاسة لتوصيات وزارة الخارجية فيما يتعلق بتعيين الحدود البحرية مع اليونان.

وطالب مكتب الرئاسة الخارجية بتكثيف التحركات الدبلوماسية لتوطيد العلاقات مع اليونان وقبرص. وهو ما يعد قمة الاستخفاف بمصالح مصر الاستراتيجية والموجبة للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى المُفضية لفقدان مصر نحو 10 آلاف كلم من حدودها لصالح اليونان.

بل إنَّ الصمت الأكبر الذي تتعامل به جميع مؤسسات الدولة من جيش وشرطة وخارجية وجميع الوزارات والأجهزة المخابراتية يوجب محاكمة الجميع جنائيًّا، وهو ما لن يُمحى من تاريخ مصر.

نكاية في تركيا

والأغرب من ذلك هو تحرك السيسي ونظامه بمنطق النكاية في تركيا، وشنّه هجومًا عليها، عندما وقّع أردوغان وممثل الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًّا في ليبيا على اتفاق ترسيم حدود بين تركيا وليبيا، والاتفاق على استثمارات تركية في الغاز الليبي.

وعلى الرغم من أنَّ ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، انطلاقًا من الرؤية التركية وشواطئها، يقدم أكبر خدمة لمصر ويمنحها نحو 40 ألف كلم  في المياه الاقتصادية بالبحر المتوسط، تتعاون مصر مع اليونان في مواجهة تركيا، بإعلانهما رفض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعتها تركيا مؤخرا مع ليبيا.

وأشار بيان مشترك بين الخارجية اليونانية والمصرية، إلى توافق الجانبين على ما سمّياه عدم شرعية توقيع السراج مذكرات مع دول أخرى خارج إطار الصلاحيات المقررة في اتفاق الصخيرات، وما وصفاه بالتدخل التركي السلبي في الشأن الليبي، بما يتعارض مع مجمل جهود التسوية السياسية في ليبيا، وفق بيان الخارجية المصرية.

وكانت وزارة الخارجية المصرية قد وصفت المذكرة التركية الليبية بأنها معدومة الأثر القانوني، وقالت إن الاتفاق لا يلزم أي طرف ولا يؤثر على منظومة تعيين الحدود البحرية في المتوسط لأنه غير شرعي.

ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، قائلا: إن منح جزيرة كاستيلوريزو (ميس)، وهي جزيرة صغيرة مقارنة بالبر الرئيسي التركي، سيادة بحرية بـ4 آلاف ضعف مساحتها الحقيقية، أفقد مصر 40 ألف كيلو متر مربع في الماضي.

وقال فؤاد أقطاي، نائب الرئيس التركي: إن الاتفاقية التي أبرمتها بلاده مع الحكومة الشرعية الليبية فتحت طريقا أمام تركيا.

ولعلَّ ما يؤكد موقف السيسي المُفرّط بحقوق مصر على طول فترة الانقلاب العسكري، بدءا من بيع تيران وصنافير للسعودية، وتمكين إثيوبيا من بناء أكبر سد مائي على نهر النيل، ما يحرم مصر من أكثر من نصف حصتها المائية، وأيضا التنازل لقبرص عن مساحة بحرية تصل إلى نفس مساحة الدلتا من أجل متاخمة حدودها مع اليونان بالجنوب؛ لتمكين إسرائيل من مد خط أنابيب غاز إلى أوروبا عبر اليونان وإيطاليا، مرورا بقبرص دون أن يمر بمصر.