فورين بوليسي: صندوق النقد “شريك” في دعم الفساد والاستبداد بمصر

- ‎فيتقارير

..تقديم المليارات لنظام السيسي جزء من دعم الثورة المضادة

اتهمت خبيرة مالية واجتماعية أمريكية، صندوق النقد الدولي بأنه "شريك يرسخ الفساد بأنواعه، والاستبداد بمصر"، من خلال تقديم قروض بلا حساب لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، دون مراجعة أو الضغط على السلطة لتوجيه هذه القروض لصالح الشعب، وتركها تذهب لصالح ترسيخ وحماية اقتصاد الجيش، ومكافأة الموالين للنظام.

وقالت "آيمي أوستن هولمز"، الباحثة في مبادرة الشرق الأوسط بجامعة هارفارد، وأستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأميركية بالقاهرة: إن "تمويل صندوق النقد الدولي لمصر لن يساعد سوى نظام السيسي وترسيخ حكمه الاستبدادي، وأن صندوق النقد كان عليه فرض شروط جديدة على التمويل الاخير المقدم إلى مصر لتحجيم دور الشركات العسكرية وزيادة الرقابة ومنع الفساد.
وشددت على أن طلب السيسي إقراضه 5 مليار دولار كان يجب أن يكون فرصة للصندوق للضغط على النظام ووضع شروط تضع حدا لتوحش الفساد المالي والاقتصادي والإداري والعسكري والرشاوي السياسية، التي أدت إلى المزيد من إفقار المصريين، وتحميلهم عبء سداد هذه الديون.

القرض مكافأة للموالين ودعم الثورة المضادة
وقالت الباحثة الأمريكية إن صندوق النقد الدولي وافق على منح نظام السيسي 5.2 مليار دولار إضافية لمصر، لتعويض خسائرها الاقتصادية الناتجة عن تبعات فيروس كورونا، "لكن الواقع يؤكد أن هذا القرض سيستخدمه السيسي الذي أشرف على تعذيب آلاف السجناء السياسيين، بمن فيهم أميركيون، أيضا لمكافأة أولئك الذين ما زالوا موالين له".
وأوضحت أن "الفاعلين الدوليين" يقدمون المليارات من المساعدات المالية (عبر الصندوق) لنظام ما بعد الانقلاب، لدعم الثورة المضادة التي لا يمكن أن تنجح إلا بتواطؤهم لدعم هذا النظام. وأنه بدلا من تعزيز الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري، سيزيد قرض صندوق النقد الدولي من ترسيخ وحماية الاقتصاد الذي تهيمن عليه القوات المسلحة والشركات التابعة لها.

وشددت على أن قروض صندوق النقد الدولي لمصر، التي بلغت حد 20 مليار دولار منذ عام 2016 حتى الآن، تلعب نفس الدور الذي لعبه الدعم الخليجي غير المشروط لنظام السيسي، ما ساعد السيسي في خطته لإحكام السيطرة على البلاد عبر هذا الدعم المالي.

واتهمت الكاتبة، حازم الببلاوي رئيس الوزراء بعد انقلاب 3 يوليو 2013 والذي شهدت فترة وزارته أكبر الأحداث دموية في التاريخ المصري، بإطلاق النار على المعتصمين في ميداني رابعه العدوية والنهضة وقتل أكثر من ألف (بحسب تصريح للببلاوي) بأنه "الشخصية المدنية الأكثر فسادا في منظومة الحكم العسكرية في مصر". وأوضحت أن دور الببلاوي في خدمة الحكم العسكري الاستبدادي لا يزال محوريا حتى الآن، حيث يخدم النظام بموقعه الآن في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، مما يمنحه نفوذا يجعله يسهم في تحويل أموال الصندوق إلى حلفائه في الحكومة المصرية.

وبينت الكاتبة أن الناشط الحقوقي المصري الأصل، الأميركي الجنسية، محمد سلطان، الذي نجا من مذبحة رابعة كشف عن شبكة العلاقات هذه التي تربط صندوق النقد الدولي بالببلاوي "أبرز متملقي السلطة في مصر"، مشيرة للقضية التي رفعها سلطان ضد الببلاوي في أمريكا.
واعتبرت اعتقال السلطات المصرية 5 من أقارب سلطان ونقل أبيه صلاح سلطان، من سجن وادي النطرون إلى مكان مجهول "رسالة يرسلها نظام السيسي إلى سلطان تقول: أسقطوا القضية ضد الببلاوي أو سنستمر في احتجاز أسرتكم كرهائن، ورغم هذا لم يرتدع صندوق النقد الدولي عن خطواته في عقد الاتفاقات مع نظام السيسي، وفقا للكاتبة.

وأشارت الباحثة لطرد السيسي هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، لأنه كشف أن مصر خسرت 600 مليار جنيه مصري (حوالي 76 مليار دولار) بسبب الفساد الرسمي، وبعد ذلك حُكم على جنينة بالسجن خمس سنوات.
كما أشارت لوضع هيئة الرقابة الإدارية (ACA) – المفترض أن تكون مستقلة -تحت تصرف السيسي على الرغم من كونها مؤسسة مدنية اسميا، ومنحها سلطات مراقبة وقدرة على اعتقال واستجواب المشتبه بهم، ووضع نجل السيسي في منصب رفيع بالهيئة، مما يعني أنه لا يوجد أي ضمان تقريبا بأن مساعدة صندوق النقد الدولي لن تنتهي في أيدي الجهات والشخصيات الفاسدة.
https://foreignpolicy.com/2020/07/03/sisi-corruption-egypt-imf-loans/