بترول شرق المتوسط.. هل يشعل الحرب بين تركيا واليونان؟

- ‎فيعربي ودولي

مع تصاعد التوتر فى العلاقات بين تركيا واليونان بسبب أعمال التنقيب عن الغاز فى منطقة شرق البحر المتوسط يتخوف المراقبون من اشتعال حرب مدمرة بين البلدين. وحذر المراقبون من انحياز دول الاتحاد الأوربى إلى جانب اليونان، مشيرين إلى أن أثينا طالبت الاتحاد بفرض عقوبات مشددة على تركيا أيدتها 7 دول من أعضاء الاتحاد. 

كانت تركيا قد أجرت تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية في بحر إيجة ردا على نقل السلطات اليونانية أسلحة إلى جزر قريبة من البر التركي كما أرسلت تركيا سفينة الأبحاث “أوروتش رئيس” للتنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط، قرب جزيرة كاستيلو ريزو اليونانية.

وقالت أنقرة أن مناوراتها جاءت رداً على تسليح اليونان جزراً منزوعة السلاح في بحر إيجة، محذرة من أن اليونان بهذه الخطوة تخرق اتفاقية لوزان الموقعة عام 1923 والتي نصت على بقاء الجزر اليونانية منزوعة السلاح.

في المقابل أعلنت اليونان رفضها المشاركة في محادثات مع تركيا، طالما بقيت سفينة التنقيب التركية أوروتش رئيس في مياه الجرف القاري لليونان.

وقال الناطق باسم الحكومة اليونانية، ستيليوس بيتساس: لن نجري اتصالات استكشافية مع تركيا طالما بقيت أوروتش رئيس في المنطقة. 

واعتبر ان قرار أنقرة بإرسال السفينة إلى المنطقة، بالقرب من جزيرة كاستيلوريزو اليونانية القريبة من الساحل التركي يمثل “تصعيدا كبيرا” وتهديدا مباشرا للسلام في المنطقة. 

وكانت تركيا قد سحبت السفينة من المياه المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط الشهر الماضي “لإتاحة المجال للدبلوماسية” قبل قمة للاتحاد الأوروبي بحثت فرض عقوبات على تركيا.

 

"الأوروبي" يدعو لعقوبات

من جانبه هدد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات إذا لم توقف تركيا ما وصفه الاتحاد بأنه أنشطة حفر واستكشاف غير قانونية في المياه التي تطالب بها قبرص واليونان.

ودعا الاتحاد في بيان له تركيا إلى الامتناع عن الإجراءات الأحادية الجانب التي تتعارض مع مصالح الاتحاد الأوروبي وتنتهك القانون الدولي والحقوق السيادية للدول الأعضاء في الاتحاد.

وقال البيان: نتوقع أن تمتثل تركيا لالتزاماتها وتمتنع عن القيام بمزيد من الاستفزازات وتقدم ضمانات ملموسة حول رغبتها في إجراء حوار حسن النية. 

فيما طالب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، تركيا بالكف عن “الاستفزاز” في النزاع على الغاز في شرق البحر المتوسط، مؤكدا أن ألمانيا تتضامن مع قبرص واليونان كشريكين في الاتحاد الأوروبي،

وحث "ماس" أنقرة على أن تظل منفتحة على المحادثات وعلى عدم استئناف التنقيب عن الغاز في المناطق البحرية محل النزاع.

من جهتها، أعربت باريس عن قلقها حيال التحرك الجديد لأنقرة في المنطقة، وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها : نشعر بالقلق إزاء إعلان تركيا عن إرسال سفينة المسح الزلزالي “عروج ريس” قبالة جزيرتي كاستيلوريزو ورودس اليونانيتين”.

سفينة تركية ثانية

ورد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الاستفزازات اليونانية والانحياز الأوروبى وقال إن تركيا ستعطي اليونان وقبرص "الردّ الذي تستحقانه" في شرق المتوسط، تزامنا مع إعلان أنقرة أن سفينة التنقيب عروج ريس وصلت إلى المكان الذي ستقوم فيه بمهامها.

واضاف "أردوغان" خلال كلمة له أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية في أنقرة: "سنواصل إعطاء اليونان والإدارة القبرصية اليونانية… الردّ الذي تستحقانه على الأرض، متهما البلدين بعدم الوفاء بوعودهما في المباحثات".

وتابع : هناك سفينة ثانية ستتوجه للتنقيب في شرقي المتوسط، معتبرا أن أنقرة دافعت عن حقوقها وضمنت ألا يتم تطبيق أي خطة فيها استثناء لتركيا في شرقي المتوسط".

واستطرد أردوغان: سنعلن خلال زيارة سأجريها لسفينة الفاتح للتنقيب في البحر الأسود السبت المقبل، عن كمية الغاز الجديد المكتشف. 

مطالب غير عادلة

وفي مؤتمر عبر الفيديو خلال معرض ومؤتمر الطاقة والبيئة الدولي، قال فاتح دونماز وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي: وصلت عروج ريس إلى المنطقة التي ستمارس فيها نشاطاتها في شرق المتوسط. بدأت التجارب وبدأنا نستقبل أول قراءات سيزمية متعلقة بقراءات المسح الزلزالي.

وأضاف الوزير أن الخطة تتضمن العمل مدة 10 أيام، معتبرا أن التنقيب عن النفط والغاز في البحار يعد أحد أهم المواد المطروحة على أجندة تركيا، وشدد على أن تلك الأنشطة متواصلة رغم كافة التهديدات.

وقال إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئاسة التركية إن الجهود الدبلوماسية بخصوص التطورات في منطقة شرق المتوسط لم تتعرقل، والطريق مفتوح أمامها .

وأضاف المسؤول التركي أن أوروبا تعلم جيدا أن المطالب اليونانية غير عادلة معتبرا أن جهود من يسعون لتضييق الخناق على بلاده من خلال خلق توتر سياسي لا جدوى منها .

وردا على سؤال حول ما إذا كان إبحار سفينة عروج ريس ثانية صوب المتوسط سيزيد من التوتر، قال قالن : هم سيحولون الأمر إلى عنصر لزيادة التوتر، وسيعملون على تصعيده.

وتابع : هذه المنطقة تشملها خريطة إشبيلية "المزعومة" التي ليس لها أية صلاحية قانونية، لذا فإن التنقيب يقع في منطقة الجرف القاري القريبة من تركيا وهو أمر لا يستدعي اعتراض أحد.

بوارج عسكرية

فى المقابل نشرت القوات البحرية اليونانية بوارج عسكرية في بحر إيجه، بعدما أعلنت حالة التأهب ردا على الأنشطة التركية لاستكشاف الطاقة.

وكشف مصدر مطلع أنه تم نشر الوحدات البحرية في جنوب شرق بحر إيجة، رافضا الكشف عن مزيد من التفاصيل .

وأضاف أن البحرية اليونانية لديها استعدادات متزايدة لمواجهة الأنشطة التركية في بحر إيجة، على خلفية تنقيب أنقرة منذ أشهر عن مصادر للطاقة، الأمر الذي نددت به أثينا أكثر من مرة.

يأتي هذا التطور بعد يوم من إعلان الجيش اليوناني دخول قواته في حالة تأهب، بعدما كشفت تركيا عن نيتها إجراء تنقيب جديد عن النفط بالقرب من جزيرة يونانية.

قائمة عقوبات

وطلب وزير الخارجية اليوناني "ميكوس دندياس" من الاتحاد الأوروبي إصدار قائمة بالعقوبات المفروضة على البنوك وصناعة السياحة والصادرات والواردات التركية، وإعادة النظر في المادة 42 من معاهدة لشبونة، بند الدفاع المتبادل الذي يؤكد على التزام أعضاء الاتحاد الأوروبي بمساعدة بعضهم البعض بكل الوسائل المتاحة لديهم في حالة حدوث عدوان مسلح على دولة عضو في الاتحاد.

ويسير الاتحاد الأوروبي على حبل مشدود، ويوازن بين حاجته لتلبية احتياجات أحد أعضائه وحاجته للتخفيف من حدة التوترات.

وصاغت بروكسل قائمة عقوبات أشد لتهدئة أثينا، لكن في النهاية، يريد الاتحاد الأوروبي وأعضاؤه الشماليون إبقاء هذه القائمة افتراضية، والابتعاد عن العقوبات الأكثر صرامة على تركيا.

وأيدت فقط 7 دول العقوبات، هي النمسا وقبرص وفرنسا واليونان وسلوفاكيا ولوكسمبورج وأستونيا. ومع ذلك، أشار بقية أعضاء الاتحاد الأوروبي، وكثير منهم من دول البلقان والأعضاء الشماليين الذين يعتبرون وجهات شعبية لمجموعات المهاجرين الذين يسافرون من تركيا، إلى أنهم ليس لديهم رغبة في رفع التوترات مع تركيا، وهي دولة لديها سجل يشجع على الهجرة الجماعية للاجئين إلى أوروبا عندما تتقاطع المصالح مع بروكسل.

ومع تهديد عضوين من أعضائه بعمل عسكري ضد بعضهما البعض، سعى حلف "الناتو" بالمثل إلى تحقيق التوازن بين المطالب التركية واليونانية لتجنب القتال.

وليس لدى "الناتو" آلية قانونية رسمية لطرد عضو خارج التحالف. والنتيجة هي مزيج من الاسترضاء والتدابير العقابية ومحاولات لا نهاية لها للدبلوماسية لمنع الصراع داخل "الناتو".