عودة رئيسها الشرعي.. بوليفيا تحتفل بسقوط الانقلاب العسكرى بعد عام

- ‎فيعربي ودولي

تشهد بوليفيا حاليا احتفالات شعبية تاريخية لسببين: الأول هو فوز مرشح الحركة الاشتراكية لويس آرسي بالانتخابات الرئاسية بعد حصوله على 55% من الأصوات خلال الجولة الأولى للانتخابات، بينما حصل منافسه الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف والمدعوم من الجيش على 32.5% فقط. أما السبب الثاني فهو عودة الرئيس السابق إيفو موراليس يوم الاثنين الماضي 9 نوفمبر 2020م إلى البلاد، وهو الرئيس الذي جرى الانقلاب عليه في أكتوبر 2019م، وأجبرته قيادات الجيش والشرطة على الاستقالة وذهب لاجئا إلى المكسيك ومنها إلى الأرجنتين.

عودة الرئيس السابق والذي يمثل القيادة للحركة الاشتراكية في بوليفيا جاءت غداة تنصيب الرئيس الحالي لويس آرسي والذي كان وزيرا للاقتصاد في حكومة موراليس قبل الانقلاب عليه. وكلاهما ينتمي إلى الحركة الاشتراكية التي تحكم بوليفيا منذ 2005م.
وقال موراليس قبل أن يعبر سيرا الجسر الحدودي الذي يربط مدينة لاكوياكا الأرجنتينية بمدينة فيلازون في بوليفيا: "قسم من حياتي يبقى في الأرجنتين" على ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.

ونصّب لويس آرسي الأحد رئيسا جديدا لبوليفيا خلال احتفال في الكونجرس البوليفي. وقال آرسي في خطابه "نحن ندخل مرحلة جديدة في تاريخنا ونريد أن نفعل ذلك بحكومة للجميع بدون تمييز من أي نوع: ستسعى حكومتنا إلى إعادة بناء وطن موحد يمكننا العيش فيه بسلام". وأضاف "نحن ملتزمون بتصحيح أخطائنا والمضي قدما حيث نجحنا".

وأدى وزير الاقتصاد السابق البالغ 57 عاما والذي تم انتخابه في الجولة الأولى في 18 أكتوبر بنسبة 55 في المئة من الأصوات، اليمين أمام نائب الرئيس ديفيد تشوكيهوانكا وبحضور برلمانيين جدد وضيوف أبرزهم ملك إسبانيا فيليبي السادس ورؤساء الأرجنتين وكولومبيا والباراغواي. ويمثل تنصيب لويس آرسي عودة "الحركة نحو الاشتراكية" (ماس) إلى السلطة بعد الانقلاب على موراليس في أكتوبر 2019م وإجباره على الاستقالة.

وكان أحد أهم أسباب الانقلاب على موراليس أنه دخل في حالة عداء مع الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترمب؛ وكان يوصف بأنه أشد أعداء وخصوم ترمب. ففي يوليو 2018م، وصف موراليس الرئيس ترامب بأنه "عدو للبشرية". وقال في تصريحات إذاعية على هامش مشاركته في منتدى "سان باولو" بكوبا: إن "العدو في هذا الزمن هو دونالد ترامب، إنه عدو للبشرية، ولكوكب الأرض".

وظهرت أبعاد ذلك الخلاف مع وقوع الانقلاب العسكري على موراليس، عندما رحب ترامب باستقالة الرئيس البوليفي، معتبرًا إياها "رسالة قوية إلى الأنظمة غير الشرعية". وأشاد بدور جيش بوليفيا، معتبرًا الاستقالة "لحظة مهمة للديمقراطية". بعدها اتهم موراليس في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية، في ديسمبر 2019، من منفاه بالمكسيك، واشنطن بتدبير انقلاب ضده للسيطرة على موارد الليثيوم في بلاده.

ومنذ الانقلاب، انتفض الشعب البوليفي بشكل يومي، في شوارع العاصمة لاباز وغيرها من المدن للمطالبة برحيل آنييز التي جرى تعينها من جانب العسكر رئيسة مؤقتة، كما طالب الشعب بوقف الانقلاب العسكري، وعودة الديمقراطية الموءودة مرة أخرى. وعلى الفور تحرَّك مئات الآلاف من فقراء الآلتو (المدينة المتاخمة للعاصمة لاباز، وهي معقل الفقراء من السكان الأصليين) بمظاهرات صاخبة. وشرع المزارعون الفقراء بتنظيم صفوفهم للدخول في مجابهة أمام القوات الانقلابية، وهو ما أدى إلى قتل كثير من المناهضين للانقلاب، وألقيت جثثهم على قوارع الطرق.

ومن عوامل نجاح التجربة البوليفة ضد الانقلاب أن موراليس حكم البلاد نحو 15 سنة عبر انتخابات حرة نزيهة، وشكل أرضية شعبية لا يستهان بها، وهي الأرضية التي جعلت حكم العسكر بالغ الصعوبة. كما تضامنت دولة تحكمها أحزاب اشتراكية مع الشعب البوليفي والرئيس موراليس وعلى رأسها المكسيك والأرجنتين وغيرها. وقد تضامنت المكسيك مع الشعب البوليفي بقوة، واعتبر ما جرى انقلابا وأن المكسيك لن تقبل بحكومة ذات طابع عسكري في بوليفيا وستواصل الاعتراف بموراليس رئيسًا شرعيًا". ومع استمرار الاضطرابات والمظاهرات، أصبح واضحًا أمام الحكومة المدعومة من الجيش أن الاستمرار في الحكم، بات مستحيلا وتدميرا للبلاد، وهو ما أجبرهم على التعاطي مع ملف الانتخابات والتداول السلمي للسلطة بواقعية سياسية كمخرج من الأزمة.