بقروض خارجية.. السيسي يستدين ليسدد 4,5 تريليون جنيه ديونا محلية

- ‎فيتقارير

فوجئ المصريون بإعلان حكومة الانقلاب عن خطة لسداد الديون المحلية التى تصل إلى 4,5 تريليون جنيه متسائلين: " من أين ستأتي هذه الحكومة بالأموال لسداد كل هذه الديون؟!" لكن خبراء اقتصاد أكدوا أنها لعبة من ألاعيب عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب الدموي، من أجل مواصلة إنجازاته الوهمية، متوهما أنه قادر على تضليل المصريين وخداعهم.
وبحسب مراقبين فإن سداد هذه الديون سيكون عن طريق إدراج الأوراق النقدية المصرية في مؤشر السندات الحكومية للأسواق الناشئة، وبيع سندات للمستثمرين الأجانب؛ ما يعنى أن السيسي يورط مصر فى قروض خارجية جديدة، ويرهن قرارها السيادى للأجانب كما حدث فى عهد الخديوى إسماعيل، الذي كانت توسعه في الاستدانة سببا من أسباب الاحتلال الإنجليزي لمصر سنة 1881م، وهو الاحتلال الذي استمر لأكثر من سبعين سنة.
وكانت وكالة "بلومبيرج" الأمريكية، قد كشفت أن نظام الانقلاب طلب تسوية ديونه المحلية عن طريق التعاون مع بنك "يوروكلير"، في غضون أقل من عام، ومن ثم طرح أول سنداتها بسعر معوم بحلول منتصف عام 2021، وتأتي هذه الخطوة في إطار مساعي لخفض تكاليف الاقتراض وتذكير المستثمرين بانتعاش الطلب على السندات المصرية. ونقلت "بلومبيرج" عن محمد معيط، وزير مالية الانقلاب، قوله، إن ديون مصر المحلية ستكون قابلة للتسوية مع بنك "يوروكلير"بين سبتمبر ونوفمبر 2021. زاعما أن اتفاق نظام السيسي مع يوروكلير؛ الذي يتخذ من بلجيكا مقرًا له، ستعني توفير "بوابة آمنة" للسوق "للمستثمرين الكبار مثل البنوك المركزية وزيادة الطلب والسيولة من خلال توسيع قاعدة المستثمرين. وأشار معيط إلى أنه يتعين على الأجانب حاليًا المرور من خلال مقرضين محليين في حال رغبتهم في الاستثمار في السندات المصرية، زاعما أن تاريخ التنفيذ "بين سبتمبر إلى نوفمبر 2021" وفق تعبيره. وقال إنه سيتم إدراج الأوراق النقدية المصرية في مؤشر السندات الحكومية للأسواق الناشئة التابع لمجموعة الخبرة JPMorgan Chase & Co، والذي يجذب الاستثمارات من الصناديق السلبية التي تتبع المقياس.
معايير الشفافية
كما زعم محمد حجازي، رئيس وحدة إدارة الدين بوزارة مالية الانقلاب، أن عملية التسوية في حد ذاتها طويلة، وزاد طولها بعد تباطؤ الإجراءات بسبب جائحة "كوفيد-19". وكشف حجازي في تصريحات صحفية، أن شروط بنك "يوروكلير"، تتنوع بين عدة مجالات منها "التقنية واللوجستية والإدارية". وأضاف أننا نأمل في إنهاء المناقشات الجارية قريبا لتحديد الآلية التي بموجبها ستصدر ديونا سيادية متغيرة العائد وفق تعبيره.
من جانبه، قال الدكتور أشرف دوابة، أستاذ التمويل والاقتصاد، إنه لا توجد دولة في العالم تبني تنميتها على الاقتراض الخارجي والداخلي؛ لأنه في نهاية المطاف سوف تستنزف خدمة الدين أي خطة تنموية قبل أن تبدأ حتى عملية التنمية، مشيرا إلى أن القروض يمكن استخدامها كعامل مساعد في هذا الصدد، مع تحفظي على الاقتراض بشكل عام. وانتقد دوابة في تصريحات صحفية، ما يصدر عن حكومة الانقلاب ومؤسساته خاصة بيانات المركزي، قائلا: " بيانات البنك المركزي لا تحترم معايير الشفافية والإفصاح والنزاهة". وأكد أن مصر تعاني من وجود مؤسسات أخرى مثل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والأجهزة الرقابية إلى جانب المركزي، لا تلتزم بالشفافية فيما تصدره من مؤشرات وأرقام لا تعبر عن الواقع، ولذلك فأي حديث عن سداد الديون أو أنها في المنطقة الآمنة غير دقيق ولا يعول عليه.
لحن الفساد
وأشار الدكتور حسام الشاذلي، أستاذ التخطيط الإستراتيجي بجامعة كامبردج، إلى مزاعم السيسي عندما قال إن الديون مفتاح الاقتصاد المصري، مؤكدا أنه تم تأسيس المنظومة الاقتصادية المصرية في عهده على مفهوم تدوير القروض وتأجيل الاستحقاقات، والإذعان الكامل لشروط المؤسسات الدولية المقرضة. وقال الشاذلي فى تصريحات صحفية، إن البنك المركزي يحاول تبرير أكاذيب السيسي ويعمل كمطبلاتى له ببيانات هلامية تتلاعب في تقارير الديون وحجمها، موضحا أنه في منظومة السيسي الديكتاتورية تعزف جميع المؤسسات خاصة المالية منها لحن الفساد وغياب الشفافية من أجل أن تصفق للسيسي حتى في ظل انتشار الفقر وخروج الشركات وهروب المستثمرين، وفشل برامج الإصلاح المزعومة واحدا بعد الآخر.
ووصف منظومة السيسي الافتراضية بأنها نموذج اقتصاد اللصوص، حيث تسمح أموال القروض المتوالية بسيطرة قطاعات معينة على الاقتصاد المصري، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، وتؤصل لانتشار الفساد المؤسسي مع غياب أي دور رقابي حقيقي للبرلمان أو المؤسسات الرقابية، وهي هيكلية كارثية تفتح أبوابا عديدة لسيطرة رؤوس الأموال الأجنبية على مقدرات البلاد.
خداع بصرى

وقالت سلمى حسين، باحثة اقتصادية، إن الدين المحلي هو اﻷغلبية من تركيبة الدين في مصر، مؤكدة أن ربع هذا الدين كان بالدولار قبل أزمة كورونا، لأسباب من بينها إقبال اﻷجانب على شراء أذون الخزانة المصرية ﻷوراق الدين قصيرة الأجل؛ وبالتالي صار لدينا ما يبدو أنه دين محلي وهذا شيء مطمئِن، لكنه يخلق ضغطا كبيرا جدا على الجنيه. وكشفت سلمى فى تصريحات صحفية، أن معدل نمو الاقتراض الخارجي لمصر بلغ 17% خلال العام الماضي، وهو الأعلى في المنطقة العربية، لافتة إلى أن الوضع الاقتصادي في مصر "زاد هشاشة" بعد جائحة كورونا. وأضافت أن مصر صارت خلال هذا العام، رسميا، ثاني أكبر عميل مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين. وأشارت سلمى إلى أنه بعد عام 2013، كانت هناك إغراءات لمصر أن تقترض من الخارج، مؤكدة أن مؤشرات الدين الخارجي تدهورت مؤخرا؛ إذ يُشكل الدين أربعة أمثال الصادرات المصرية، وصار نصيب الفرد منه ألف دولار، ويماثل حاليا حوالي 38% من الناتج المحلي. وأوضحت أن 25% من اﻹيرادات المحلية في موازنة مصر 2020/ 2021 تذهب لسداد القروض، ومثلها للفوائد، وهى "نسبة غير مسبوقة".