«اقتصاد العربة» و«جامعات الجيل الرابع»

- ‎فيمقالات

مما لا شك فيه أن ما تراه الآن فى «أم الدنيا» هو نفسه ما تجده فى بلاد الأدغال؛ لقد صار العالم فى شأن ولا زلنا نحن ننظر فى مواطئ أقدامنا. هناك حكومات وطنية تفكر لما بعد الأحداث العالمية المتسارعة وثورة الاتصال الرهيبة، وهنا نظام لا هدف له سوى الاحتفاظ بالحكم وسحق المعارضة، وخذ مثلًا:

بعد الموجة الثانية لـ«كورونا» وتكرُّر حالات الخطر الأخرى، هناك خطوات حثيثة وجهود جبارة للخروج من الأنماط التقليدية فى الاقتصاد والتعليم نحو طرق جديدة تتناسب مع مستجدات الاتصال، فى حين لا زال الارتباك مسيطرًا على البيوت المصرية بعد توقف الدراسة وملايين من ربات البيوت قد أصابهن القلق المرضى على مستقبل أولادهن الذين جلسوا فى البيوت دون تعلُّم فعلىِّ إلا بعض محاولات «أون لاين» باجتهاد من بعض المدارس معظمها غير ناجحة.

يتحول الاقتصاد العالمى هذه الأيام، بعد تضاعف أعداد البطالة وتوقف الشركات والإغلاق الممتد، إلى ما يسمى «اقتصاد العربة»، والاصطلاح مشتق من فكرة «عربة البائع المتجول» غير المرتبط بوظيفة، والذى ينادى على سلعته مستهدفًا زبائنه فى منازلهم. فالاقتصاد الجديد فردى بالأساس، قليل النفقة، يقدم سلعته لمن يطلبها مستفيدًا من التجارة الإلكترونية، فصارت «المنصة» بديلًا لـ«العربة»، وكلتاهما لا تحتاج مقرًّا لشركة ولا عمالة وما يستتبعهما من إجراءات أخرى معقدة.

والعالم مضطر لذلك؛ بسبب الركود الذى رأينا نتائجه، ولئلا تجد هذه الدولة أو تلك نفسها منعزلة عن النسق العالمى وما يمثله ذلك من عدم استقرار. والأمر نفسه فى مجال التعليم.. هناك إستراتيجيات للدفع نحو «هيكلة التعليم» وخطط لتحقيق رؤى مستقبلية لإعادة صياغة القوى البشرية، ومواكبة التوجهات والتجارب العالمية، بل السعى لأجل ريادة الشركات الوطنية؛ ما يتطلب نماذج تعليم جديدة متوافقة مع الحياة الرقمية من: ذكاء اصطناعى، وتعليم آلى، وإنترنت الأشياء.

ماذا نحن فاعلون أمام هذا التطور ولا زلنا نتحدث عن قيام «الإخوان» بسد بلاعات الشوارع وبمنع الأكسجين عن مرضى كورونا، ولا زلنا نعيِّن مشرِّعين عن طريق أجهزة الأمن والمخابرات وهم مَنْ يُفترض أن يقرُّوا القوانين لتوطين هذه التكنولوجيا وغيرها من الأساليب وطرق التطوير. وفى حين يتوسّع العالم الآن، وفيه دول عربية، فيما يُعرف بـ«جامعات الجيل الرابع»، وهى جامعات «افتراضية» تعتمد الدراسة عن بُعد -لا زالت شبكات الاتصال عندنا لا تصلح لإجراء مكالمات هاتفية، فما الحال وهذا النمط من التعليم يحتاج إلى شبكات فائقة السرعة منخفضة التكلفة تغطى سماء البلد فضلًا عن ارتباطها الجيد بمثيلاتها فى الخارج.

أمامنا إذًا أمدٌ بعيد كى نلحق بقطار التطور العالمى الذى انطلق بالفعل، مع العلم أن التطورات فى هذا المجال سريعة للغاية، ولا يليق ببلد فى حجم مصر أن تفشل فى عقد «امتحان تابلت» للصف الأول الثانوى، فى حين سبقتنا دول خليجية فى الإعداد لعقد برامج جامعية متطورة من خلال الوسائط الإلكترونية، وقد حققت نجاحات بالفعل فى هذا المجال ولم نسمع أنها ارتبكت كما هو الحال عندنا.