“كهزيمة أمريكا في فيتنام”.. تقدير موقف عبري يعترف بهزيمة إسرائيل أمام المقاومة

- ‎فيتقارير

يؤكد الكاتب الإسرائيلي شير هيفر، في مقال له في موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أن “ثمة إجماعا في وسائل الإعلام الإسرائيلية وكذلك بين السياسيين والقيادات العسكرية، على أن حماس تمكنت فعليا من هزيمة إسرائيل”. وأضاف أن المسئولين العسكريين في إسرائيل خلصوا إلى أن حماس، من وجهة النظر الاستراتيجية، حققت هدفها بتنصيب نفسها لاعباً لا يمكن تجاهله عندما يتعلق الأمر بالقدس وبالمسجد الأقصى، مقرا بأن عقيدة “قص العشب” التي تقضي بتوجيه ضربات متكررة إلى غزة لمنع حركات المقاومة الفلسطينية من مراكمة القوة العسكرية قد فشلت إلى حد كبير.

ويعزو السبب الأساسي في ذلك إلى ضيق الفجوة في التوازن العسكري، تلك الفجوة التي طالما كانت قائمة بين من يديرون غزة بحكم الأمر الواقع وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي. واعترف بأن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية فوجئت بالقدرات العسكرية الجديدة لحركة حماس من صواريخ طويلة المدى وأكثر دقة، وطائرات مسيرة، وغواصات غير مأهولة. وانتهى إلى أن الفجوة في القوة العسكرية بين جيش الاحتلال الذي يصنف  الــ”14″ على مستوى العالم وحركات المقاومة لا تزال قائمة ذلك أن مجموعات المقاومة الفلسطينية التي لا تزيد على كونها مليشيات ضعيفة الإعداد، إلا أن القتال الأخير أثبت أن هذه الفجوة آخذة في التقلص. على حد تعبيره.

في ذات السياق، رأى مركز دراسات إسرائيلي، أن «العدوان الأخير على قطاع غزة انتهى بـ”انتصار تكتيكي” و”هزيمة استراتيجية” في ذات الوقت».  ورأى المركز في تحليل كتبه دورون مصا، أن الاحتلال أنهى الحرب بانتصارات تكتيكية، إلا أنه تجرع هزيمة استراتيجية في حالة مشابهة لما حدث مع الولايات المتحدة في فيتنام. في إشارة إلى الحرب التي امتدت نحو عشرين سنة (1955/1975م)  فقد تمكن الجيش الأميركي من تدمير البنية التحتية لفيتنام وألحق بها أضرار كبيرة لكنه في نهاية المطاف تلقى هزيمة مذلة وتعرض لخسائر في الأرواح لم يقو على تحملها فاضطرت الإدارة الأميركية إلى إعلان الانسحاب من فيتنام التي تحولت إلى مستنقع لاستنزاف أميركا.

وأضاف أن الحرب الرابعة بين حماس والاحتلال انتهت مثل سابقاتها دون حسم واضح، “لكن الانطباع هو أن المناوشة الحالية كانت مختلفة تماما عن جولات القتال السابقة من ناحية اللغة وطرق التفكير المختلفة لحماس وإسرائيل والتي عكست قوة في الفكر والمفاهيم”.  وتابع بأنه “بينما تميز التفكير الإسرائيلي على مدى القتال بمنطق تكتيكي-كمي، فقد كان تفكير حماس استراتيجي–كيفي”.

وأضاف أن الاحتلال ركز على عدد الأهداف والأبراج المستهدفة، وعدد قيادات القسام الذين اغتالهم، وعدد الصواريخ التي أطلقها، والأخرى التي أطلقتها المقاومة وتمكنت القبة الحديدية من تدميرها. ولفت النظر إلى أن هذا الأمر نجاح مطلق لا يستوي مع النجاح الاستراتيجي الذي تفوقت فيه حركة حماس والمقاومة بشكل عام.

ويرى التحليل أنه من الناحية الإستراتيجية الشاملة “نجحت حماس فوق ما كان متوقعا. فهي لم تبادر فقط إلى المعركة من خلال إطلاق الصواريخ على القدس في يوم عيدها، وهكذا فاجأت إسرائيل (مثلما اعترف بعض من كبار رجالات جهاز الأمن) بل نجحت في أن تخلق آثارا وتداعيات للحرب خلف حدود القطاع”. واعترف بأن الثغرات التي نشأت في علاقات اليهود مع العرب في إسرائيل والاضطرابات في المدن المختلطة إلى جانب تسخين جبهة الضفة كانت لها نتائج فرعية للحرب في القطاع وعمليا نجحت حماس في توحيد الساحة الفلسطينية كلها (في غزة، في الضفة وفي داخل إسرائيل) وهكذا فككت بعد سنوات من النجاح غير قليلة المنطق الأساس في السياسة الإسرائيلية القائم على دق إسفين بين أجزاء الساحة الفلسطينية لغرض إضعافها.

فضلا عن ذلك، فقد أدارت حماس المعركة من منظور وسياق إقليمي ودولي شامل. فوضع القدس كمركز رمزي للمعركة، بخلاف جولات قتالية سابقة طرحت مسألة “الحصار” على غزة في مركز القتال وأهدافه، سمح لها بالوقوف على رأس معسكر المقاومة الإقليمي، بما في ذلك على حساب حزب الله.