بزوال ترامب ونتنياهو عن المشهد السياسي.. هل تجمدت صفقة القرن؟

- ‎فيعربي ودولي

قال رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو إن "صفقة القرن" التي قدمها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هي "تحقيق للرؤية الصهيونية"، ولكن نجاح أحزاب المعارضة الصهيونية بالاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، يضع نتنياهو أمام خيارات صعبة، قد تصل إلى حد سجنه، على خلفية اتهامات الفساد الموجهة إليه، فهل تتجمد الصفقة الحرام؟

وشرعت المحكمة المركزية الصهيونية في القدس المحتلة، في النظر في لائحة اتهام قدمها المستشار القانوني للحكومة الصهيونية أفيخاي ماندلبليت ضد نتنياهو في 3 قضايا رئيسية، وتوجه اللائحة الاتهام لنتنياهو بالرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة؛ وهو ما قد يقوده إلى السجن في حال إدانته من قبل المحكمة وتثبيت هذا الاتهام.

 

لن تتكرر..!

يقول الصهيوني المجرم نتنياهو، عبر مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" الصهيونية: "قدمت صفقة القرن التي طرحها صديقي ترامب، فرصة تاريخية لن تتكرر لحماية بلادنا والدفاع عنها، وتحديد حدودنا، وضمان مستقبلنا. يجب أن نبذل قصارى جهدنا للاستفادة من هذه الفرصة وليس تبديدها".

وأشار إلى أن الخطة ستؤدي إلى تطبيق "السيادة الإسرائيلية" على المستوطنات في الضفة الغربية وغور الأردن، وقال: "لأول مرة منذ إنشاء الدولة، ستمنح صفقة القرن اعترافا أمريكيا بسيادتنا على هذه المناطق من وطننا. هذا هو تحقيق الرؤية الصهيونية".

في مطلع حكم نتنياهو، تفجّرت واحدة من أهم حلقات النضال الفلسطيني التي عرفت بـ"هبّة النفق"، والتي اندلعت في 25 سبتمبر 1996 احتجاجاً على قرار حكومة نتنياهو حفر نفق أسفل المسجد الأقصى، وهي الهبّة التي استشهد فيها 63 فلسطينياً وجُرح المئات، في حين قُتل 36 جندياً صهيونياً وجُرح عشرات آخرون.

وبناء على تعليماته، نفذ جهاز "الموساد"، في 25 سبتمبر 1997، محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل في عمان. خسر نتنياهو الانتخابات في 1999 لصالح زعيم "العمل" إيهود براك، وترك الحياة السياسية لبعض الوقت، بعدما تولى قيادة "الليكود" بعده أرئيل شارون.

بعد تنفيذ خطة فك الارتباط وتفكيك المستوطنات وسحب جيش الاحتلال من قطاع غزة في 2005، اضطر شارون للانشقاق عن "الليكود" الذي عارض الخطة، وتشكيل حزب "كاديما"، وخلفه في رئاسة "الليكود" مجدداً نتنياهو.

في انتخابات 2009 هزم نتنياهو زعيمة حزب "كاديما" تسيبي ليفني وشكل الحكومة للمرة الثانية في حياته، وبقي على رأس الحكم حتى الآن، معتمداً بالأساس على التحالف مع الأحزاب الدينية الحريدية، التي استرضاها عبر الاستجابة لمطالبها المتعلقة بمؤسساتها والقطاعات السكانية التي تدعمها، وأخذ بعين الاعتبار مواقف هذه الأحزاب عند سنّ القوانين ذات العلاقة بالدين والدولة.

 

تشديد الحصار

اتسمت فترة حكم نتنياهو الطويلة بتشديد الحصار على قطاع غزة إثر فوز حركة "حماس"، وهو ما جعل حكوماته تشنّ ثلاثة حروب على القطاع والعشرات من جولات التصعيد في غضون 12 سنة. وتشمل الحروب: 2012 التي استشهد فيها 175 فلسطينياً وجرح المئات، أغلبيتهم الساحقة من المدنيين، وحرب 2014 التي بلغ عدد الشهداء الذين سقطوا فيها 2139 وأكثر من 11 ألف جريح، وحرب غزة الأخيرة في مايو الماضي، والتي استشهد فيها 253 فلسطينياً وجُرح مئات آخرون.

سياسيا، لم ينخرط نتنياهو في محادثات سلام فعلية مع السلطة الفلسطينية، فيما أشرف في المقابل على توسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، خارجيا، تركّزت توجهاته على وضع حد لبرنامج إيران النووي.

وفي خطاب ألقاه أمام الكونجرس الأمريكي عام 2015، دان المفاوضات النووية التي كانت تجريها إدارة باراك أوباما مع إيران، وما فشل فيه خلال عهد أوباما، نجح فيه مع وصول حليفه الأبرز دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إذ دفع إدارة الأخير للخروج من الاتفاق النووي مع إيران، إضافة إلى طرح مشروع "صفقة القرن".

ولعل أهم النجاحات التي يتباهى بها نتنياهو تمكنه من شق مسار التطبيع مع عدد من الدول العربية، إذ توصلت حكومته إلى أربعة اتفاقات تطبيع، شملت: الإمارات، البحرين، السودان والمغرب.

في المقابل، هز نتنياهو استقرار النظام السياسي الصهيوني من خلال إصراره على التشبث بالحكم بعدما تم توجيه لوائح اتهام ضده في ثلاث قضايا فساد خطيرة، شملت: خيانة الأمانة، تلقي الرشوة، والاحتيال.

وعلى الرغم من أن العُرف السياسي في الكيان الصهيوني يلزم رؤساء الوزراء والنواب وكبار موظفي الكيان بالاستقالة فور تقديم لوائح اتهام ضدهم، إلا أن نتنياهو لم يرفض الاستقالة فحسب، بل عمد إلى جر الكيان الصهيوني إلى أربع جولات انتخابية في غضون عامين.

وكان نتنياهو قد نجح بعد الانتخابات الثالثة في إقناع يني جانتس بتشكيل حكومة يتناوبان على رئاستها، بدأت مهامها في مايو 2020، ولكن مع اقتراب مهلة تسلّم جانتس رئاسة الحكومة، وجد نتنياهو فرصة لإفشال ذلك بعدم إقرار ميزانية الدولة، ما جعل الحكومة تنهار، لتتجه "إسرائيل" إلى انتخابات رابعة، فشل نتنياهو بعدها في الحصول على أغلبية لتشكيل حكومة جديدة.

وخلال كل الجولات الأربع، كان نتنياهو مصرا على أن توافق الأحزاب التي تشارك في أي ائتلاف يرأسه على تمرير جملة من القوانين التي تعفيه من المحاكمة، وأشهرها ما عُرف بـ"القانون الفرنسي"، الذي يعفي رئيس وزراء العدو من المحاكمة طالما كان في الحكم.

وأدى تكتيك نتنياهو هذا إلى إعلان أحزاب من اليمين رفضها الانضمام إلى حكومة يرأسها، كما فعل حزب "يسرائيل بيتينو" برئاسة أفيغدور ليبرمان، وبعد ذلك حزب "تكفاه حدشاه" بزعامة جدعون ساعر.