تتبناها وتنفق عليها الإمارات.. “الإبراهيمية” دعوة لتحريف الإسلام عبر 8 مخاطر عقائدية

- ‎فيتقارير

حذر د. إسماعيل علي، أستاذ الدعوة الإسلامية والأديان بجامعة الأزهر من "الدعوة إلى "الإبراهيمية" التي تتبناها وتنفق عليها الإمارات، ويقدم على توسعة أرضيتها علماء من الباطنيين ومُدعو التصوف دينا جديدا ملفقا يهدف إلى تمييع الدين الإسلامي وتهوين الخروج منه، وأنه حرب فكرية بالأساس تستهدف التسليم بالتحريف وإضفاء مسحة قدسية على عقائد محرفة وباطلة.
وفي دراسته التي نشرها مركز مسار للدراسات الإنسانية بعنوان "الإبراهيمية.. بين خداع المصطلحات وخطورة التوجهات" استفاض "علي" في كشف 8 أخطار رئيسية لهذه الدعوة مشددا على أنها تنطوي على أضرار جسيمة، بالإسلام والمسلمين".

باب للتحريف

1ـ إن الدعوة إلى الإبراهيمية سبيل إلى تمييع الدين، وإضاعة معالمه وأركانه في نفوس المسلمين، وتُهوّن من حرص المسلم على التمسك بالإسلام والاعتزاز به، بل إن الأمر قد يصل في بعض الأحيان إلى تهوين الخروج من الإسلام، والتحول إلى غيره،
وحذر من أنه بحسب الإبراهيمية؛ لا فرق بينها وبين اليهودية والنصرانية، وهنا تكون الفرصة سانحة وواسعة للعمل التنصيري بين المسلمين، وتسهيل إقناع البعض منهم بالتنصّر.

2ـ كما أن الإبراهيمية تنزِع عن الإسلام تفرّدَه بأنه الدين الوحيد الذي سلِم من التحريف، وتُضفي على الأديان الأخرى المُحرّفة والباطلة صفة القدسية، وتلبسها ثوب البراءة من التحريف؛ مع أن الأهواء قد تلاعبت بها، وقلَبتها رأسا على عقب.

وأوضح أنه "بذلك سيؤول الحال مع القرآن الكريم؛ حيث لن يكون الكتابَ الذي اختُص بحفظ الله له من بين سائر الكتب المُنَزّلة، كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9)، وفي ذات الوقت تَرفع الكتبَ الأخرى إلى درجة العصمة والسلامة من أي تغيير أو تبديل أو تحوير، مع أن الواقع يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن التحريف يكتنفها، ويتخللها ويغشاها من سائر جوانبها".

مخاطر تشريعية
3ـ وتؤدي الإبراهيمية إلى إضاعة العبادات التي شرعها الله تعالى، وفتْح الباب واسعا للتلاعب بها، والابتداع فيها، والانحراف بها عما شرعها الله تعالى، شكلا ومضمونا، كما حدث ـ على سبيل المثال ـ فيما سُمِّي بـ “الصلاة الإبراهيمية”، تلك الصلاة المزعومة التي لا علاقة لها إطلاقا بما سنّ الله لعباده، وبيّنه وطبقه رسوله، بشأن فريضة الصلاة.

4ـ والإبراهيمية سبيل إلى تعطيل شريعة الله، وإلغاء كثير من الأحكام التي أَمر بها الله؛ حيث إن هذه الدعوة تقوم على التلاقي والاجتماع على ما يُسمّى المشترك الإبراهيمي، والمقصود بهذا المشترك عند أصحاب هذه الدعوة هو القيم والمبادئ المشتركة بين الأديان.

وأبان أنه "لو ذهبنا نسأل عن تلك القيم المشتركة، سيأتي الجواب مشيرا إلى بعض الأخلاق والمبادئ العامة، كالعدل، والمساواة، والحرية، والتعايش السلمي … ونحو هذا".
وأوضح بالسؤال "وماذا عن بقية التشريعات الإسلامية؟..فأجاب: لا وجود لها في ظل “الديانة الإبراهيمية”؛ لأنها ليست مما هو مشترك، والمطلوب إنما هو القيم المشتركة فقط  كما زعموا".

وعلى هذا فإن المنظومة التشريعية الإسلامية التي تنظم جميع شؤون الحياة، وتَفرَّد بها الإسلام الحنيف سيكون مصيرها هو الإلغاء جملة وتفصيلا.

مخاطر عقدية

5ـ وقال إن: "الدين الإبراهيمي العالمي الجديد ” المزعوم “، فهو يهدف بدون مواربة إلى إلغاء الأديان القائمة، وعلى رأسها الإسلام".

6ـ الإبراهيمية لها ضرر كبير على فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى الدعوة الإسلامية وأهلها، لا سيما المؤسسات والعلماء الذين يقومون بنشر الإسلام على حقيقته التي أنزله الله عز وجل بها، ويدعون إلى تطبيق شريعة الإسلام بشمولها، كما أمر الله تعالى، وإذا عُطِّلت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعُوّقت مسيرة الدعوة إلى الإسلام؛ فَشَتِ الجهالة، وضاعت معالم الدين، وعمت المنكرات، والتبس الحق بالباطل، واختلط الحلال بالحرام.

 

مخاطر سياسية

7ـ وأما عن المخاطر السياسية للإبراهيمية؛ فإنها تنطوي على توجهات غاية في الخطورة على أمتنا وقضايانا العادلة، وخاصة قضية احتلال الصهاينة لبيت المقدس، وسعيهم إلى ابتلاع الأرض المباركة وما حولها، في إطار مخطط “إسرائيل الكبرى”.

وأبدى الباحث تعجبا من "احتفاء أمريكا والغرب بالدعوة رغم أنهم يرفعون راية العلمانية، ويقفون بالمرصاد لأية دعوة أو أنظمة تدعو إلى إقامة الحياة على أساس الدين، أو إدخاله في السياسة، وخاصة دين الإسلام".
وتساءل "لماذا يتداعون الآن للتمسح بالقيم الدينية، والتوسل بها إلى حل قضايا الصراع في العالم، ويسعون لاختلاق دين جديد، ينتسب إلى أبي الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة السلام؟!!".
وألحق بتعجبه واستغرابه انتشار مصطلحات ومشروعات تُبْطِن مخططات ظالمة مهلِكة، مثل: “السلام الإبراهيمي”، “السلام الديني العالمي”، “مسار إبراهيم” ،”الولايات المتحدة الإبراهيمية” ،  “القدس المدينة الإبراهيمية”، “الدبلوماسية الرُّوحية” … إلخ.

تمزيق الرابطة

8 ـ ومن أكبر مخاطر الإبراهيمية على المسلمين دينيا وسياسيا: القضاء على الرابطة الحقيقية التي تربط جميع المسلمين برباط واحد، وهو رباط الإسلام، وأُخوة الإيمان.
وأضاف أنها لن ينتج عنها إلا تقطيع أواصر العالم الإسلامي، وتوهين وتمزيق الإخاء الإسلامي، الذي إن فقده المسلمون صاروا شيعا وأحزابا، وتفرقوا وضعفوا، وتلاشت قوتهم، وضاعت عزتهم، وطمع فيهم أعداؤهم.

اليهود والنصارى
ومن مجمل ما توصل إليه الباحث أن "أعتبر أن المسلمين هم الخاسر الوحيد لأن "النصرانية بطبيعة الحال تخلو من نظم تشريعية تُسيّر حياة الناس، وأما اليهود فهم  في كل الأحوال  ليسوا بحريصين على أن يدخل أحد في دينهم، أو يأخذ بشريعتهم؛ حيث إنهم بلغوا من العنصرية درجة المرض الخبيث المتمكن من النفس، بحيث أصبحوا لا يرون أحدا جديرا باعتناق دينهم، بل إنهم لا يرون أحدا من الخَلْق جديرا بوصف الإنسانية سواهم".

ومن شأن الإبراهيمية بحسب الباحث وما يتفرع منها، أن "تجعل وجود اليهود في منطقة المشرق الإسلامي أمرا مقبولا، وتُخرج الصراع اليهودي الإسلامي من دائرة كونه احتلالا واغتصابا صهيونيا بالقوة لأرض مسلمة، إلى كونه نزاعا بين أبناء عائلة واحدة، هي العائلة الإبراهيمية، ومن ثَمّ تصرف المسلمين عن الجهاد المشروع، وتقضي على أي توجه لإعداد العُدة اللازمة لاسترداد الأرض الإسلامية المباركة، واستنقاذها من أيدي المحتلين الصهاينة، ويؤول الأمر إلى التفريط في المقدسات الإسلامية".

تكريس الفكرة
وبالأسماء كشف انخراط بعد "العلماء" في الدعوة لهذه الفرية وقال "بعض الدول في المحيط العربي تجاهر بتبني “الإبراهيمية”، وتُسخّر الكثير من الأموال، وتحشد الجهود البشرية والإعلامية، وتقيم الفعاليات والمشروعات المتنوعة، للترويج للإبراهيمية، وتكريسها في أرض الواقع، لا سيما تلك الدول التي غرقت في مستنقع التطبيع مع الكيان الصهيوني، وفي مقدمتها الإمارات العربية المتحدة، التي تبذل في هذا الأمر جهودا جبارة، مادية ومعنوية، لا تَخفى على أي باحث أو متابع، وتستجلب عددا غير قليل من العلماء والدعاة، وتغريهم  بالانخراط في نشر وتثبيت الدعوة إلى الإبراهيمية، وتجنيدهم لخدمة هذا المشروع الخطير، مثل الشيخ الموريتاني “عبد الله بن بيّه”، والداعية الصوفيّ اليمني “علي الجفري”، وغيرهما من الدعاة والمتصوفة.
وأشار إلى أن هذه الأنظمة -التي تتبنى الإبراهيمية في المشرق الإسلامي- تقوم باضطهاد المؤسسات والعلماء الذين يدعون إلى الإسلام، وتحكيم شريعته في المجتمعات الإسلامية، ويناهضون التطبيع مع الكيان الصهيوني، ويقومون بكشف مخططاته، والتحذير منها".

الإبراهيمية وقائع
وتداول مصطلح “الإبراهيمية” منذ الإعلان عن اتفاق تطبيع كل من “الإمارات العربية المتحدة” و”مملكة البحرين” مع الكيان الصهيوني المحتل، برعاية أمريكية، في أغسطس 2020، والذي جرى توقيعه في البيت الأبيض في العاصمة الأمريكية واشنطن، في منتصف سبتمبر 2020، بحضور وفود أطراف الاتفاق الثلاثة، مع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، وأُطلق اسمُ “أبراهام” على الاتفاق.
وكان “ترامب” قد “طلب من السفير الأمريكي في إسرائيل “ديفيد فريدمان” أن يشرح دواعي إطلاق اسم “اتفاق إبراهيم” على وثيقة التطبيع بين إسرائيل والإمارات.

https://almasarstudies.com/abrahamic-between-deceiving-terminology-and-the-danger-of-trends/