حكومة الاحتلال تتجاهل فضيحة “بيجاسوس”.. تذرعت بالإرهاب وكوَّنت لجنة شكلية

- ‎فيعربي ودولي

تساءل مقال في صحيفة الجارديان (The Guardian) البريطانية يوم الجمعة 23 يوليو 2021م عن سر عدم اهتمام حكومة الاحتلال الإسرائيلي بفضيحة برنامج التجسس "بيجاسوس" التي تكشفت مؤخرا. في المقابل، اهتمت كثيرا بمجرد إعلان شركة أمريكية اعتزامها وقف بيع منتجاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقالت كاتبة المقال داليا شايندلين -وهي خبيرة في الإستراتيجية السياسية والرأي العام- إن صناعة المراقبة عالية التقنية في إسرائيل جزء من هويتها، ولهذا السبب غالبا ما يتم التجاوز عن التدقيق في الجانب المظلم منها.

وقالت الكاتبة إنه على عكس وسائل الإعلام الدولية التي سلطت الضوء على هذه الفضيحة فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تجاهلتها واهتمت بالمقابل بإعلان شركة "بن آند جيري" (Ben & Jerry) الأمريكية للمثلجات وقف بيع منتجاتها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتساءلت الكاتبة: هل الجهات الفاعلة المشاركة في تصدير منتجات المراقبة المربحة -بما في ذلك وزارة الدفاع الإسرائيلية التي لا بد من موافقتها على مثل هذه المبيعات- تتحمل المسؤولية عن نتائجها؟

وأضافت "يبدو أن الإسرائيليين لا يشعرون بأي خجل ولا قلق"، لأنه في اليوم الذي تلا انتشار قصة بيجاسوس كان هناك موضوع آخر استأثر بالاهتمام، وهو إعلان شركة "بن آند جيري" لصناعة الآيس كريم أنها ستتوقف عن بيع منتجاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقالت "بدلا من أن يتصدر اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان وتقويض حرية الصحافة ومراقبة المعارضة السياسية والصلات المحتملة بالقتل المروع عناوين الصحف الإسرائيلية جاء في المرتبة الثانية، في حين أن احتجاجا سياسيا سلميا من قبل شركة خاصة واحدة -والذي من المقرر أن يبدأ بعد عام ونصف من الآن (عندما تنتهي اتفاقية ترخيص بن آند جيري)- طغى على كل شيء".

وتضيف الكاتبة "يدرك الإسرائيليون جيدا أن التكنولوجيا المتطورة هي محرك هائل لاقتصادهم، كما أنها ضرورية لصورة الدولة وهويتها الوطنية في القرن الـ21، وبالنسبة لليهود الإسرائيليين ترمز التكنولوجيا الفائقة إلى الاستثناء اليهودي".

 

لجنة شكلية

إلى ذلك، تواصلت ردود الفعل على فضيحة برنامج التجسس الإسرائيلي «بيجاسوس»، وقررت حكومة الاحتلال تشكيل فريق من وزارات الدفاع، والخارجية، والعدل، ووكالة التجسس التابعة لـ«الموساد»، والاستخبارات العسكرية، لبدء التحقيق في الفضيحة، بحسب تصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي، بيني جانتس لصحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية.

وتذرع وزير الدفاع الإسرائيلي بأن "إسرائيل" تصدّر مثل تلك التكنولوجيا العالية للدول لأغراض مكافحة الإرهاب فقط، مضيفًا أن "إسرائيل" توافق على نقل المنتجات الإلكترونية إلى الحكومات للاستخدام القانوني وعلى الدول التي تشتري تلك الأنظمة أن تلتزم بشروط الاستخدام.

ويتجاهل وزير الدفاع الإسرائيلي أن بلاده هي أكبر تهديد إرهابي على مستوى العالم، فهي من تحتل أرض فلسطين ولا تنصاع مطلقا لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة المتعلقة بالقضية، ولا يزال حتى اليوم نحو 9 ملايين فلسطيني لاجئين على مستوى العالم بعد أن طردتهم عصابات الصهيونية منذ بدايات القرن العشرين وصولا إلى إعلان ما تسمى بدولة إسرائيل في منتصف مايو 1948م.

وأشارت منظمة «مراسلون بلا حدود» بأصابع الاتهام إلى إسرائيل نظرًا لتورطها في فضيحة التجسس، وطالب الأمين العام للمنظمة، كريستوف دايلوار، رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بفرض حظر فوري على صادرات تقنيات المراقبة إلى أن يصبح هناك أُطرًا تنظيمية وقائية. ويُشار إلى أن شركة «NSO» تبيع خدماتها لـ35 حكومة حول العالم، وطورت برنامج «بيجاسوس» للتجسس، ويمكن للبرنامج رصد الصور وتسجيل المكالمات والمحادثات، فضلًا عن سجل تحركات الشخص، وتتبع موقعه في الوقت الفعلي بدقة بالغة، وذلك من خلال تقنية متقدمة، وفقًا لـ«الجارديان»

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، نشرت يوم الأحد  18 يوليو 2021م، تحقيقًا استقصائيًا  أجراه 17 إعلاميًا من عدة دول، وكشف التحقيق عن استخدام برنامج «بيجاسوس» التابع لمجموعة «NSO» لاختراق هواتف ذكية تخص  سياسيين ونشطاء حقوق الإنسان ومحامين وصحفيين ومدراء أعمال في عدد من الدول. وبعد انكشاف "الفضيحة" قررت الشركة وقف هذا البرنامج.

وكشفت التحقيقات أن الإمارات والمملكة العربية السعودية استخدمتا البرنامج الإسرائيلي  للتجسس على المعارضين للنظامين من الإسلاميين والصحافيين وخاصة العاملين بقناة الجزيرة القطرية. وتوصلت التحقيقات إلى أن المملكة العربية السعوديّة اشترت البرنامج للتنصت على هواتف وزراء في الحكومة المصرية، وجاء على رأسهم رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، ووزير الخارجية، سامح شكري، بالإضافة إلى وزير المالية، محمد معيط، ووزير الاتصالات السابق، ياسر القاضي، ووزير العدل السابق، حسام عبد الرحيم، بحسب موقع «درج». لكن الحكومة السعودية كما هو متوقع نفت ذلك واعتبرتها مزاعم لا أساس لها من الصحة.

وعلى الجانب الأوروبي، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى عقد جلسة «استثنائية» لمجلس الدفاع الفرنسي، الخميس، من أجل مناقشة«بيجاسوس» بعد نشر تقارير عن استخدامه في فرنسا هذا الأسبوع. وكانت صحيفة «لوموند» الفرنسية نشرت تقارير تفيد احتمالية تعرض هاتف الرئيس الفرنسي لعملية تجسس باستخدام البرنامج لصالح المغرب، فيما علقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم، بقولها إنه «من المهم ألا تقع البرمجيات المصممة لحالات معينة في الأيدي الخطأ»، مُضيفةً أنه لا ينبغي بيعها للبلدان التي قد لا تتوفر فيها مراقبة قضائية على مثل هذه الهجمات.