“ها آرتس”: مصر مهددة بفقد 15 % من أرضها الزراعية بسبب سد النهضة

- ‎فيعربي ودولي

نشرت صحيفة ها آرتس العبرية تقريرا سلطت خلاله الضوء على تطورات أزمة سد النهضة عقب إعلان إثيوبيا الانتهاء من الملء الثاني والخيارات المتاحة أمام مصر والسودان خلال الفترة المقبلة.

وقال التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة": "عندما أعلنت إثيوبيا أنها أكملت المرحلة الثانية من ملء خزان السد، أدركت مصر أن جهودها الدبلوماسية وتهديداتها باستخدام القوة العسكرية ضد إثيوبيا وصلت إلى طريق مسدود".

وأضاف التقرير أن "التغريدة الطويلة والمفصلة التي نشرتها السفارة الإسرائيلية في القاهرة في وقت سابق من هذا الأسبوع قد حملت نبرة قلق، بل وحتى جرس إنذار "إننا نؤكد، بعزم لا يتطلب تفسيرا، أن كل ما ينشر في وسائل الإعلام عن تورط إسرائيل في سد النهضة خطأ ولا أساس له من الصحة،  نتبنى موقفا محايدا في ما يتعلق بكلا طرفي هذه القضية فإسرائيل لديها ما يكفي من المياه ونحن على استعداد دائم لوضع معرفتنا التكنولوجية تحت تصرف مصر في هذه الأمور".

وأوضح التقرير أن "المسألة التي أثارت قلق السفارة ووزارة الخارجية الإسرائيلية كانت تقارير بأن إسرائيل رفضت طلب مصر بالتدخل وضغطت على أثيوبيا؛ لتعليق ملء الخزان الموجود خلف سد النهضة الكبير فوق النيل الأزرق، الأمر الذي سمح بصياغة اتفاق ملزم بين مصر والسودان بشأن توزيع المياه".

القاتل يحضر جنازة الضحية!

كانت العشرات من الردود على التغريدة غير مقنعة بل ومهددة، قال أحدهم "القاتل يحضر جنازة الضحية". قال آخر "حتى لو أقسمت على التوراة، فلن أصدقك" "عذابكم عند الله عظيم، إنا منتظرون". "إن البحث في السد أتى منكم وأنتم تعرفون كل ما يحدث هناك".

وذكر التقرير أن "هذه الكلمات جاءت بعد 10 أيام من قيام مصطفى الفقي، أحد أهم المفكرين المصريين الذي كان سكرتيرا للرئيس حسني مبارك، والذي يشغل حاليا منصب مدير المكتبة الوطنية بالإسكندرية، بدعوة الحكومة لتجنيد إسرائيل لممارسة الضغط على أثيوبيا، متهما مصر "بدفع ثمن الموقف الإيديولوجي الذي تتخذه في سياستها الخارجية". كان يقصد بذلك ترددها في طلب مساعدة إسرائيل في قضية حيوية جدا لوجود مصر".

وكان الفقي يشير إلى "فقرة في معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر تمنع أي من البلدين من التصرف ضد الطرف الآخر، متسائلا "كيف يمكن أن تساعد إسرائيل بلدا إثيوبيا يسبب الأذى لمصر؟"، وفي مصر لا شك أن إسرائيل، على الرغم من إعلاناتها بالحياد، تساعد إثيوبيا ليس فقط في الزراعة والتنمية بل وأيضا في بناء سد النهضة، في الماضي كانت هناك تقارير أنكرت بأن إسرائيل نشرت بطاريات صواريخ للدفاع عن السد، وأن مهندسين إسرائيليين استولوا على طابق كامل في وزارة المياه في أثيوبيا، حيث قدموا المشورة بل أشرفوا على بعض الأعمال المتعلقة بالسد".

وعندما أعلنت إثيوبيا أنها "أنهت المرحلة الثانية من ملء خزان السد أدركت مصر أن جهودها الدبلوماسية وتهديدات استخدام القوة العسكرية ضد إثيوبيا قد فشلت، الحقيقة أنه لم يكن من الضروري انتظار إعلان أثيوبيا لتحقيق فشلها الدبلوماسي".

وقد تحطمت آمالها في أن يجبر مجلس الأمن الدولى إثيوبيا على التوقف عن ملء الخزان وفرض اتفاق ملزم حول توزيع جديد للمياه. وكان مجلس الأمن الذي اجتمع في 8 يوليو بطلب من مصر والسودان، قد تجنب اتخاذ قرار واكتفى بالإعلان عن دعمه لجهود الوساطة التي تقوم بها منظمة الوحدة الأفريقية التي لم تتوصل حتى الآن إلى حل ولم يؤثر إعلان السودان عن فقدانه 50 في المائة من حصته من المياه نتيجة لملء الخزان على المنظمة الدولية.

وقررت إثيوبيا أن مجلس الأمن لا يستطيع التدخل في المسائل المتعلقة بالسد، وأنه لا يوجد قانون دولي يلزمها بالتقيد بالقرارات الدولية بشأن هذه المسألة بيد أن العقبة الرئيسية ليست القانون الدولي بل الاعتبارات الدبلوماسية والاقتصادية للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

روسيا والصين مع إثيوبيا

وأشار التقرير إلى أن "الصين تستثمر في إثيوبيا عموما وفي السد خصوصا وهو ليس في الواقع بناء السد حتى لا يزعج مصر، لكنه منح أثيوبيا قروضا بمليارات الدولارات، وبدونها كانت إثيوبيا  سوف تجد صعوبة في استكمال بناء السد، الذي تبلغ تكلفته المقدرة 5 مليار دولار، وفي المقابل حصلت الشركات الصينية على بعض العقود الكبيرة المتعلقة بالسد مثل مد خطوط أنابيب المياه وبناء محطات الطاقة".

كما أن روسيا أيضا مستثمر كبير آخر في إثيوبيا، وشركة ويباند الإيطالية حصلت على عقد لبناء البنية التحتية الرئيسية للسد، كما فعلت شركة فويث هايدرو الألمانية العملاقة، التي ستركب التوربينات في محطة الطاقة مع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية وشركة ألستوم الفرنسية كما أن الدول العربية الغنية مثل قطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، على الرغم من علاقاتها الوثيقة مع مصر، قد استثمرت مبالغ كبيرة من الأموال في إثيوبيا وقد بنت هذه المصالح الاقتصادية حصنا دبلوماسيا قويا حول أثيوبيا، حيث تواجه مصر معضلة هائلة.

وأكد التقرير أنه "يجب على مصر أن تقرر كيفية التصرف في مواجهة ما تعتبره تهديدا لأمنها القومي وحتى وجودها وكان عبد الفتاح السيسي قد حذر في مارس الماضي من أن "مياه النيل خط أحمر، وأي تجاوز على مياه مصر سيقابل برد يهدد استقرار المنطقة بأسرها"، ففي شهر يونيو، أجرت مصر والسودان مناورات عسكرية مشتركة في مناورة أطلق عليها "حراس النيل"، في بادرة تهديد موجهة نحو أثيوبيا، يستخدم الإعلاميون الوطنيون وسائل الإعلام للدعوة إلى ممارسة حق مصر في الدفاع عن نفسها بالوسائل العسكرية وتشير التقديرات في مصر إلى أن النظام سيستمر حتى الآن في خوض صراعه من خلال القنوات الدبلوماسية وليس شن حرب، خاصة في ظل غياب الدعم الدولي أو العربي للعمل العسكري.

ووفقا لتقديرات خبراء الاقتصاد المصريين، فإن مصر، التي تتلقى معظم مياهها من نهر النيل، قد تفقد 10 مليار متر مكعب من المياه سنويا من أصل 50 مليون متر مكعب تحصل عليها حتى عام 2019. ويترجم ذلك إلى تقليص ضروري للأراضي الزراعية، التي توفر 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر و 20 في المئة من صادراتها، وتوظف 30 في المئة من القوى العاملة في مصر.

وتطالب مصر بأن يتم ملء خزان السد على مدى 12-21 عاما وأن يتم تنسيق هذا الملء مع سنوات الجفاف، وتعترض إثيوبيا على هذا الطلب؛ لأنها ترغب في تشغيل محطات الطاقة الجديدة في أقرب وقت ممكن لتوفير الكهرباء لـ 60 في المائة من سكانها غير المرتبطين بالشبكة بعد.

ليس فقط مواطني أثيوبيا هم الذين يتم اعتبارهم من قبل رئيس وزراء أثيوبيا، آبي أحمد، وقد وقّعت إثيوبيا بالفعل اتفاقيات لبيع الكهرباء إلى تنزانيا وأوغندا ورواندا وتعتزم توسيع مبيعاتها من الكهرباء إلى دول إفريقية أخرى، وهنا تدخل في صراع مع مصر، التي تحاول أيضا اقتحام السوق الأفريقية للكهرباء وتحاول مصر التوقيع على اتفاقيات مماثلة مع الدول التي وقعت بالفعل اتفاقيات مع إثيوبيا.

وخلص التقرير إلى أن "مصر التي تعتمد على النيل بنسبة 97 في المئة من احتياجاتها من المياه، أهملت على مدى عقود تنمية مواردها المائية وقدرتها على التحلية وسيتعين عليها الآن أن البحث عن فكرة جديدة، وتجنيد المستثمرين، وبناء محطات تحلية المياه التي ستوفر المياه لمواطنيها البالغ عددهم 100 مليون نسمة، الذين يتوقع أن يبلغوا 160 مليون نسمة بحلول عام 2050. وحتى لو لم تقم إثيوبيا ببناء السد، فإن كمية المياه التي تحصل عليها مصر، وفقا للاتفاقيات السابقة التي حددت الحصص، لن تكون كافية بعد الآن".

 

https://www.haaretz.com/middle-east-news/egypt/israel-catches-overflow-of-egyptian-ire-at-ethiopia-in-dam-dispute-1.10018041