“ميدل إيست آي”: هروب الأسرى الفلسطينيين فتح طريق الحرية

- ‎فيأخبار

نشر موقع “ميدل إيست آي” مقالا للناشط شير هيفر، عضو مجلس إدارة منظمة الصوت اليهودي من أجل سلام عادل في الشرق الأوسط، سلط خلاله الضوء على تمكن أسرى فلسطينيين من انتزاع حريتهم عقب هروبهم من سجن جلبوع الذي يخضع لإجراءات أمنية مشددة في شمال إسرائيل.

وبحسب التقرير الذي ترجمته “بوابة الحرية والعدالة” هرب ستة أسرى فلسطينيين من سجن جلبوع الذي يخضع لإجراءات أمنية مشددة في شمال إسرائيل يوم الاثنين مستخدمين نفقا وبالتنسيق مع زملاء بالخارج عبرهاتف محمول مُهرّب.

وقال التقرير إن “ما تلا ذلك من مطاردة للمعتقلين، بالإضافة إلى عناوين الصحف الإسرائيلية وردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، تسبب في إنشاء هالة من أفلام أكشن حول الحدث الذي جاء في عطلة روش هاشانا اليهودية”.

وأضاف التقرير أن “التخطيط للفرار تم بالرغم من الإغلاق المفروض في الضفة الغربية المحتلة خلال العطلة، مضيفا أن رد حكومة الاحتلال وجهاز السجون الإسرائيلي كان مفاجئا ومذلا، وسرعان ما أصبح الهروب من السجن حدثا رمزيا، الأمر الذي أعطى الأمل في أن يتمكن كل الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي من العثور على وسيلة للتحرر”.

وأوضح التقرير أن “السجناء الفلسطينيين يتلقون الحد الأدنى من الخدمات في السجون الإسرائيلية، ويتعين عليهم أن يدفعوا ثمن الطعام والمنتجات الصحية من جيوبهم الخاصة، وعلى الرغم من أن السلطة الفلسطينية تقوم بتحويل دفعات مالية إلى حسابات السجناء في المقاصف للمساعدة في إبقائهم على قيد الحياة، إلا أن السياسيين الإسرائيليين اليمينيين هاجموا هذه الممارسة، وفي عام 2018 أقر الكنيست قانونا لاقتطاع هذه المبالغ من أموال الضرائب التي تحصلها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية وهي ملزمة قانونيا بالتحويل”.

وأشار إلى أنه “على الرغم من عدم رغبة سلطات الاحتلال في الحفاظ على الكرامة الأساسية للسجناء الفلسطينيين، فإن أي جانب من جوانب الاحتلال ليس أكثر تكلفة من نظام السجون ووفقا لحكومة الاحتلال، ارتفعت ميزانية الشرطة الإسرائيلية ووزارة السجون بنسبة 18.8 في المائة سنويا منذ احتلال عام 1967 وحتى عام 2008، أي أكثر من أي وزارة أخرى”.

ولا توجه الأموال إلى ضمان مستوى معيشة السجناء، بل توجه بالأحرى إلى ضمان الأمن وإبقاء السجون تحت رقابة صارمة، وقد سخر هروب الأسرى الستة من هذه الإجراءات.

 

العمى الاستعماري

وفي تغطية الخرق الأمني، فشلت المصادر الإخبارية الإسرائيلية إلى الإشارة إلى الخرق الأكبر على الإطلاق، وهوعمى المجتمع الاستعماري الإسرائيلي، الذي يسهل على هؤلاء السجناء تفوقه.

وخلال الفيلم الوثائقي القصير بعنوان “مجدو”، عن منشأة مجدو الخاصة بالسجناء السياسيين الفلسطينيين في إسرائيل، ركز ضباط المخابرات على رسم قام به سجين، وتم تفسيره على أنه خطة لاختطاف، وبدا الضباط مترددين في قراءة النصوص بالعربية أو الاستماع إلى المحادثات العربية، وركزوا بدلا من ذلك على الرسم، والواقع أن دراسة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية للغة العربية كانت في انحدار لعقود من الزمان، حيث إنها تعتبر مهينة وشديدة التشابه بين هذه الدراسة وبين الضباط الذين أصبحوا في وطنهم”.

وفي الوقت نفسه، صور برنامج تلفزيوني ساخرحديثا يدعى شاباس (الاسم العبري لل‍ IPS) سجنا خياليا، حيث كان السجناء الإسرائيليون والفلسطينيون على السواء يُحتجزون جنبا إلى جنب، وصوّر البرنامج السجناء الفلسطينيين على أنهم ليسوا سياسيين، كما أنهم مهووسون بالطعام النباتي والهوية الجنسانية والتلفزيون والحلوى. وعندما سنحت لهم الفرصة للمطالبة بالإفراج عنهم، اختاروا البقاء خلف القضبان وهو ما يعكس بوضوح الوهم الإسرائيلي للفلسطينيين بأنهم أقل شأنا وغباء وكسولة، بل إنهم ممتنون لترف الحياة في السجن.

وقال مسؤول كبير في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي في حديث مع صحيفة هآرتس إنه “من الخطأ وضع سجناء من جنين في سجن جلبوع الذي لا يبعد كثيرا عن شمال الضفة الغربية حيث تقع جنين، ويقوم جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي بشكل روتيني بإرسال سجناء جنين إلى سجن كتزيوت في الجنوب”.

ويكشف هذا عن عدم اكتراث سلطات الاحتلال بالقانون الدولي، ووفقا للمادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة، لا يجوز نقل السجناء خارج الأرض المحتلة، ويشكل النقل المنهجي للسجناء الفلسطينيين إلى السجون داخل دولة الاحتلال انتهاكا لحقهم في تلقي الزيارات من أفراد أسرهم.

 

تخطيط دقيق

ولفت التقرير إلى أن “عملية الفرار كانت مدروسة بعناية من داخل السجن وخارجه، من خلال استخدام هاتف مُهرّب، وتردد أن حراس السجن الإسرائيليين كانوا مترددين في البحث عن الهواتف المهربة ومصادرتها، واختاروا بدلا من ذلك حلا تكنولوجيا، حيث تم تركيب أجهزة لتعطيل الاتصال الخلوي، وقد أجبرت الاحتجاجات المستمرة لسجناء حماس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي على تعطيل هذه الأجهزة، ولكن مجرد وجودها سمح لسلطات السجن بالشعور بالارتياح، مما مكن السجناء من التخطيط لهروبهم”.

ومن بين السجناء الستة زكريا الزبيدي معروف في الكيان الصهيوني بسبب ظهوره في الأفلام والمقابلات التلفزيونية، ويشتهر بشكل خاص بعلاقته مع تالي فهيمة، الناشطة اليهودية التي تطوعت في مسرح الحرية في جنين وسجنت لأكثر من عام ورفضت وسائل الإعلام الإسرائيلية الاعتراف بالأسباب السياسية والأخلاقية التي دفعت فهيمة إلى ممارسة نشاطها، وأشاعت شائعة لا أساس لها من الصحة تقول إنها كانت على علاقة رومانسية مع الزبيدي.

ونوه التقرير إلى أن السجناء الستة الذين فروا ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة، بما فيها فتح والجهاد الإسلامي، ولكنهم جميعا يأتون من جنين ويعملون معا كفريق، ورغم أن الاتهامات الموجهة إليهم متفاوتة، إلا أن الستة كانوا يدركون أن نظام الفصل العنصري القانوني الذي تديره سلطات الاحتلال من شأنه أن يمنع أي فرصة لتحقيق العدالة.

واختتم التقرير بالقول إن “رفض سلطات الاحتلال السماح بإجراء محاكمات عادلة للفلسطينيين لا يترك أي خيار سوى اعتبار جميع الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية سجناء سياسيين لهم الحق في الفرار”.

 

https://www.middleeasteye.net/opinion/palestinian-prison-break-reveals-path-freedom