بعد نجاح التجربة في السودان.. السيسي يجمع عسكر ليبيا في الغردقة

- ‎فيعربي ودولي

يبدو أن النظام العسكري في مصر يمضي وفق خطة مرسومة تقوم على تعزيز وتوثيق العلاقات مع الجيويش والقيادات العسكرية، في ظل انعدام ثقة قيادات نظام 3 يوليو في أي مكون مدني. جرى ذلك ونجح بشكل واضح في السودان في أعقاب الانقلاب الذي قاده الفريق عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021م، بحل مجلس السيادة واعتقال عناصر المكون المدني فيه وسيطرة الجيش على مفاصل السلطة من الألف إلى الياء.

وثبت أن النظام في القاهرة كان يراهن على تعزيز علاقاته بقيادات المؤسسة العسكرية السودانية على حساب المدنيين، لا سيما وأن بعض مكونات الفريق المدني كانوا يجاهرون بالانحياز إلى إثيوبيا على حساب مصر في أزمة سد النهضة وذلك أثناء الوساطة التي قام بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي آحمد وأدت إلى اتفاقية الشراكة في السودان بين مكونات الحرية والتغيير وقيادات المؤسسة العسكرية.

ويتجه نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي نحو تكرار التجربة في ليبيا، والتي لطالما فشلت سياسات نظام السيسي وتحالف الثورات المضادة في حسم الصراع هناك لحساب الجنرال خليفة خفتر المدعوم من أبو ظبي والقاهرة والرياض وتل أبيب. لكن السيسي يتجه نحو لم شمل مكونات المؤسسة العسكرية حتى يتمكن من حسم الصراع سريعا. ولعل استضافة القاهرة لأعضاء اللجنة العسكرية الليبية المشتركة لعقد اجتماعات ثنائية، وبحضور مندوبين عن دول تشاد والنيجر والسودان ما طرح تساؤلات حول دلالة حضور هؤلاء وأهم محاور الاجتماع الجديد واختيار دولة مصر لتكون مقرا له.

اللافت في هذه الاجتماعات أنها تبحث بشكل علني ملف المليشيات الأجنبية، وكيفية إخراجها من ليبيا، لكن ذلك لا يمنع من توظيف اللقاء للتقرب من القيادات العسكرية الممثلة للغرب من أجل إغوائها وإقناعها بالانضمام إلى قيادة موحدة تحت مسمى الجيش الوطني الليبي، لكن وجود حفتر على رأس هذه القيادة يحول دون التوصل لحل؛ لذلك قد تلجأ القاهرة وأبو ظبي نحو البحث عن قيادة أخرى بديلة لحفتر تكون قادرة على توحيد المؤسسة العسكرية؛ وبالتالي يمكن السيطرة وحسم الصراع عسكريا دون اللجوء إلى الحل السياسي والانتخابات التي قد لا تكون نتائجها مرضية لتحالف الثوارت المضادة والتي تقوم فلسفتها على الحسم العسكري لا السياسي.

 

تفاصيل اجتماعات الغردقة

وبدأت اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5"، يوم السبت 30 أكتوبر 2021مفي مدينة الغردقة المصرية لمناقشة خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، للوصول إلى آلية إخراجهم دون تشكيل خطر على هذه الدول". وطالب المبعوث الأممي إلى ليبيا، يان كوبيتش المجتمعين في الغردقة بضرورة إنجاح الاجتماع والخروج بنتائج تحقق الأمن والاستقرار، مؤكدا دعم البعثة الأممية الكامل لهذا الاجتماع، مقدما الشكر لممثلي السودان وتشاد والنيجر على تلبية الدعوة والحضور.

ولأول مرة يشارك مندوبون عن دول أخرى في اجتماعات عسكريي ليبيا الممثلين للشرق والغرب بحضور ممثلين عن دول تشاد والسودان والنيجر لبحث آلية لإخراج المرتزقة التابعين لهم والمتواجدين على الأراضي الليبية". ورأى مراقبون للاجتماعات أن "حضور مندوبين عن هذه الدول الأفريقية يعد اعترافا رسميا لأول مرة من قبل هذه الدول بوجود مرتزقة لها على الأراضي الليبية وهي خطوة جيدة قد تساهم في حلحلة ملف المرتزقة والأجانب وتسهل خروجهم قبل الانتخابات المرتقبة"، وفق تقديرهم.

والسؤال: هل تنجح الاجتماعات العسكرية الجديدة في الغردقة في وضع خطة عملية لإخراج المرتزقة؟ وما أهمية حضور ممثلين لدول متورطة بالفعل؟

يرى الكاتب السياسي السوداني، عباس صالح أن "مفهوم المرتزقة في حالة المسألة الليبية تكتنفه العديد من المشكلات؛ فمن الناحية الفنية يسهل إطلاق وصف مرتزقة على عناصر الحركات والمعارضة المسلحة من بعض دول الجوار أو حتى الشبكات الإجرامية المتورطة في تعقيد الشأن الليبي". ويضيف في تصريحات صحافية أنه يصعب ذلك في حالة الفاعلين التابعين لبعض الدول كتركيا وروسيا الذين يندرجون في إطار التعاون العسكري الشرعي مع هذه الدولة مع هذا الطرف أو ذلك من الأطراف الليبية الذين ينقسمون، كما القوى الإقليمية، أيضا في تعريف هذه المجموعة الأخيرة وهو ما يعرقل عمل اللجنة الخماسية".

وفي تعليقه على دلالة حضور ممثلين عن بعض دول الجوار الليبي للاجتماعات قال: "يمكن أن يكون مهما في مساعدة اللجنة في إنجاز هذا الموضوع الأكثر أهمية وليس فقط الإقرار بوجود مرتزقة يتبعون لهذه الدولة، وبالتالي ستكون مشاركتها لاحتواء خطر هؤلاء على أمنها واستقرارها أكثر منه اعترافا وتحملا للمسؤوليات القانونية والسياسية للمرتزقة في ليبيا"، وفق قراءته.

ويعتقد أن "عدم مشاركة روسيا سيفتح ثغرة يمكن أن تعصف ببقية مهام اللجنة، وفي هذه النقطة تحديدا التي تعتبر مسألة مركزية لكافة الترتيبات السياسية والعسكرية الرامية لإرساء الأمن والاستقرار في دولة ليبيا".