“ذهب إيقات” هدية للمصريين أم ملعوب آخر من السيسي

- ‎فيأخبار

ليس من تقاليد الانقلابيين التعريف بثروات الدول،خاصة وإن كانت من الأشياء النفيسة والثمينة مثل الذهب، لكن بخروج تصريحات من طارق الملا وزير البترول في حكومة الانقلاب أعلن عن وجود احتياطي بأكثر من مليون أوقية ذهب كحد أدني، في كشف تجاري للذهب بمنطقة "إيقات" بالصحراء الشرقية ، يطرح  سؤالا عن بقية الاكتشافات السابقة وأين ذهب حصادها؟.

 الملا أعلن عن إطلاق خطة لبدء الإنتاج المبكر من الكشف التجاري للذهب في منطقة إيقات بصحراء مصر الشرقية خلال الفترة القادمة في ظل الاحتمالات المرتفعة لنسبة استخلاص ذهب الاكتشاف، حيث يبلغ متوسط تركيز الذهب 5ر1جرام في الطن.

ويعد الكشف الذي تحقق بمنطقة إيقات تزيد من إنتاج مصر من الذهب، في ظل وجود احتياطي يقدر بأكثر من مليون أوقية من الذهب بحد أدنى، وبإجمالي استثمارات تتجاوز حاجز المليار دولار، كما يعد نتاجا لاستثمار مصري خالص في مجال التنقيب عن الذهب واستغلاله من خلال شركة شلاتين المصرية والتي تشهد شراكة ناجحة وتعاونا مثمرا بين عدد من قطاعات الدولة.

وبذلك تكون إيقات ثالث شركة في مصر تقوم باستخراج الذهب والمعادن المصاحبة، حيث يعمل حاليا كل من شركة السكري لمناجم الذهب وشركة حمش مصر لمناجم الذهب.

 

ثروات مصر

وتملك مصر ثروات معدنية كبيرة، أضخمها منجم السكري للذهب، كما يوجد أكثر من 120 منجم ذهب، أغلبها في الصحراء الشرقية، إضافة إلى ثلاثة آلاف محجر، 40% منها بالبحر الأحمر، و20% بالصعيد و15% على خليج السويس، وفق دراسات محلية، كما تمتلك مصر ثروة هائلة من المناجم المعدنية والحجرية، إذ بها ما يقرب من 39 خامة من المعادن تدخل في جميع الصناعات، ساهمت في تعزيز مكانتها على خارطة التعدين الدولية، وتقدر عدد المناجم في مصر بحوالي 4500 منجم بمختلف أنواعها، تحتل بها المرتبة الثالثة عالميا في الثروة المحجرية والمعدنية، كما توجد ثروات معدنية متعددة ما بين فوسفات وذهب وفلسبار ورمال بيضاء تتطلب إعادة النظر في آليات استخراجها، ولدى مصر حزام فوسفات يبدأ من البحر الأحمر وحتى حدود ليبيا، إلى جانب احتياطي يقدر بنحو 45 مليار طن من الرمال البيضاء، تشجع على صناعات تعدينية ترفع القيمة المضافة عند تصنيعها ليبلغ سعر طن من الرمال لمئة دولار.

 

هل مصر بلد فقيرة حقا؟

يوم ١٢ سبتمبر قبل 4 أعوام ، نشر الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "تم الانتهاء بسلام من موضوع الحصول على رقم اﻹيداع من دار الكتب لـكتابي ( هل مصر بلد فقير حقا ؟)" .

ثم عاد ليقول: "قامت مباحث أمن الدولة بمصادرة كتابي المعنون "هل مصر بلد فقبر حقا" من المطبعة برغم حصوله على تصريح رسمي من الجهات المختصة وبرغم أن الكتاب ﻻ يشتم أحدا وإنما يناقش الموضوع باأرقام والحقائق.

وكشف عن امتلاك مصر من الذهب الخام ما يؤهلها لتصبح أغنى دول العالم في المعدن النفيس،وتدفع الملايين للارتقاء بالمرتبات والمعيشة الأمنة  للمصريين.

 

60 مليونا تحت خط الفقر

يأتي هذا في الوقت الذي وصل فيه عدد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى أكثر من 60 مليون مواطن، بحسب تقارير البنك الدولي، تواصل دولة العسكر الاستدانة والحصول على قروض جديدة يتحملها في النهاية الغلابة، وتؤدي إلى القضاء على مستقبل الأجيال المقبلة.

ومع مواصلة العسكر الاستدانة على المستوى الداخلي والخارجي، وصلت الديون الخارجية إلى نحو 109 مليارات دولار، كان البنك المركزي قد زعم انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدين الخارجي ليصل إلى 1009.8 دولار خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2019-2020، مقابل نحو 1013 دولار خلال الربع الرابع من العام الماضي 2018-2019.

ويعرف نصيب الفرد من الدين الخارجي بأنه مؤشر يعبر عن مدى ارتفاع الدين الخارجي قياسا إلى عدد السكان، وارتفع الدين الخارجي للبلاد بنسبة 18% على أساس سنوي ليصل إلى 109.362 مليار دولار في نهاية سبتمبر الماضي، كان نصيب المواطن في الديون الخارجية قد ارتفع منذ قرار تعويم الجنيه، في نوفمبر 2016، نتيجة توسع حكومة العسكر في سياسة الاقتراض من الخارج لسد عجز الموازنة وتعزيز حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي.

 

لعبة الانقلابيين

وقبل عدة أعوام،سنّ قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي قانونا يقنن احتكار الجيش لثروات مصر التعدينية ويسمح بالترخيص لوزراء البترول والثروة المعدنية، ‏والتنمية المحلية، والإسكان والمرافق، في التعاقد مع الشركة ‏المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات، المملوكة ‏لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، التابع بدوره لوزارة الدفاع ‏‏(الجيش)‎، في شأن استغلال المحاجر والملاحات في الأراضي ‏التي تقع في دائرة اختصاص كل المحافظات، وهيئة المجتمعات ‏العمرانية الجديدة‎.، ونصّ القانون على أن "يُرخص للوزراء المعنيين في التعاقد مع ‏الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر لمدة 30 ‏عاما، وفقا لأحكام الاتفاقية المرفقة والخريطة الملحقة بها، بحيث ‏يكون التزاما مقصورا عليها لإدارة واستغلال خامات المحاجر ‏التي تقع في دائرة اختصاص كل من المحافظات، وهيئة ‏المجتمعات العمرانية الجديدة، وما يستجد عليها مستقبلا بالشكل ‏الذي يمكنها من تعظيم القيمة المضافة لها".

ومنح القانون الشركة التابعة للجيش، حق العمل على تنفيذ ‏الأنشطة التصنيعية بمراحلها المختلفة للخامات التعدينية، بحجة ‏تلبية احتياجات السوق داخليا وخارجيا دعما للاقتصاد الوطني، ‏وخلق فرص عمل للأجيال الحالية والمستقبلية، والحفاظ على ‏الثروات التعدينية بمختلف أنحاء الجمهورية. كما يمنح القانون الجيش، العمل ‏على التصنيع والتصدير للأسواق العالمية، وإحكام السيطرة على ‏مرفق المحاجر والملاحات بالدولة المصرية، ما يقضي على ‏التنقيب والاستخراج العشوائيين للمعادن‎.‎

 

13 طنا سنويا

الدكتور حسن بخيت، رئيس المجلس الاستشاري العربي للتعدين ورئيس رابطة المساحة الجيولوجية المصرى، قال إن "معدل إنتاج مصر من الذهب يبلغ حوالي 13 طنا سنويا، حيث ينحصر معدل الإنتاج في منجم السكري، والذي يتراوح ما بين من 12 إلى 13 طن ذهب سنويا، لافتا إلى أن هناك إنتاجا للذهب من عدد من المناجم الصغيرة غير المعلن عنها.

ويتركز إنتاج الذهب بمصر حاليا في منجم السكري بالصحراء الشرقية، والذي تديره شركة سنتامين المدرجة في لندن.

وأضاف الدكتور حسن بخيت، أنه بمراجعة الخرائط المرصودة في جمهورية مصر العربية لمواقع الذهب، وكذلك الأنشطة القديمة فهي تدل على مستقبل مشرق لإنتاج الذهب في مصر، والذي من الممكن أن يجعل لمصر مكانة متميزة بين الدول المنتجة للذهب عالميا، ولكن بشرط وجود تشريعات محفزة للاستثمار في مجال البحث والاستكشاف والإنتاج للذهب.

 

تقنين النهب المنظم

وجددت اللائحة التنفيذية التي أصدرها مجلس الوزراء بحكومة الانقلاب في 15 يناير 2020م والخاصة بقانون الثروة المعدنية رقم 145 لسنة 2019م كثيرا من المخاوف لدى قطاعات واسعة من الخبراء والمختصين وعموم الشعب من توظيف هذه التعديلات ولائحة القانون التنفيذية، لتصبح بوابة مشرعة لإهدار ما تبقى من ثروات مصر عبر تقنين عمليات النهب المنظم .

مخاوف المصريين من هذا القانون ولائحته التنفيذية أن يتم توظيفه ليكون بوابة لتقنين أوضاع النهب المنظم بدعوى الاستثمار؛ فالحوافز التي تضمنها القانون تسيل لعاب المستثمرين الأجانب وحيتان البيزنس في مصر من العسكر والقطاع الخاص؛ لأن كنوز مصر في الصحراء الشرقية وجنوب سيناء والصحراء الغربية كثيرة ومتنوعة، وحتى اليوم لا تزال مافيا النهب المنظم تواصل نشاطها غير المشروع رغم افتضاح الأمر؛ الأمر الذي دفع قادة هذه المافيا إلى التفكير بشكل مختلف بما يضمن مزيدا من النهب بدعوى الاستثمار لهذا تواصل حكومة الانقلاب اتصالاتها مع رجال أعمال من عينة نجيب ساويرس وآخرين من أجل الاستثمار في مجال التعدين وخصوصا التنقيب عن الذهب.

تقنين نهب ثروات مصر

كما سبق وحذر الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام من التداعيات الكارثية لتحصين قرارات وإجراءات الصندوق السيادي المصري "ثراء"، مؤكدا أن ذلك يفتح الباب على مصراعيه أمام فساد منظم بلا حسيب أو رقيب أو مساءلة إذا فشلت إدارة الصندوق في إدارة الأموال الهائلة التي بحوزته.

وتحت عنوان "مصر تحصن صندوقها السيادي" المنشور بصحيفة العربي الجديد، يقول عبدالسلام "ترتكب الحكومة المصرية ذات الخطأ عندما تحصن القرارات الصادرة عن الجهات الرسمية والتابعة لها من المساءلة القانونية والشعبية، وهو ما يفتح الباب أمام شبهات الفساد وإهدار المال العام".

ويشير عبدالسلام إلى رفض المحكمة الدستورية لتشريع مماثل، مضيفا أنه "في عام 2014 أقرت الحكومة قانونا يقضي بتحصين العقود التي تبرمها الدولة مع المستثمرين، بمن فيهم رجال الأعمال الأجانب مشترو شركات قطاع الأعمال العام والأصول الحكومية، إلا أنه بعد مرور 3 سنوات، أوصت هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية قانون تحصين العقود الذي أصدره المستشار عدلي منصور، إبّان رئاسته للجمهورية مؤقتا، لكن الحكومة كعادتها ضربت عرض الحائط بالتوصية الصادرة عن أعلى محكمة في مصر".