“ميدل إيست آي”: إنذار كاذب وراء اعتقال ناشط معارض مصري على متن طائرة

- ‎فيأخبار

أثار اعتقال ناشط مصري معارض في مدينة الأقصر عقب إجبار طائرته على الهبوط اضطراريا، بينما كانت في طريقها من السودان إلى تركيا، صدمة لدى المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد، بحسب ما أفاد موقع "ميدل إيست آي".

وكان الشاب حسام منوفي محمود سلام، 29 عاما، على متن طائرة "بدر" رقم J4690 من الخرطوم إلى إسطنبول يوم الأربعاء الماضي عندما هبطت في مطار الأقصر.

ولم تؤكد سلطات الانقلاب بعد اعتقال سلام الذي وصفته منظمة "نحن نسجل" الحقوقية، ومقرها إسطنبول، بأنه اختفاء قسري، لأنه محتجز بمعزل عن العالم الخارجي منذ ذلك الحين.

ووفقا لبيان صادر عن الخطوط الجوية، اضطرت الطائرة للهبوط في الأقصر، بعد تحذير من نظام كشف الدخان في غرفة الحمولة رقم 1.

وذكر البيان أن الإشارة كانت خاطئة، ولم يتم اكتشاف أي عيوب في النظام عندما هبطت الطائرة.

ومن أجل إصلاح نظام الإنذار تم إرسال الطائرة إلى مطار براتيسلافا للصيانة، وأُرسلت طائرة بديلة من الخرطوم لنقل الركاب إلى إسطنبول.

وعندما كان المسافرون ينهون عملية صعود الطائرة الثانية، كان يتعين عليهم مراجعة الجوازات مرة أخرى في الأقصر.

وأشار البيان إلى أن "الصعود على متن الطائرة البديلة، يجعل سلطات الانقلاب جزءا من إجراءات السفر، كما هي مطبقة في أنظمة الطيران، وهذا ما أدى إلى القبض على الركاب المذكورين".

ونفت الشركة تورطها في تسليم الراكب المصري قائلة "لا علاقة لها على الإطلاق بما قامت به حكومة السيسي، أو بحق الراكب المذكور، ولا علم لها بأسباب الاعتقال".

وقد اتصلت "ميدل إيست آي" بشركات الطيران للتعليق، ولكنها لم تتلقَ ردا حتى وقت كتابة هذا التقرير.

في غضون ذلك، نقلت صحيفة المصري اليوم عن رئيس إدارة الأزمات في الأقصر محسن الشامي، تأكيده على هبوط الطائرة السودانية التي كان على متنها 135 راكبا في مدينة الأقصر يوم الأربعاء.

وأضاف أن الطائرة الثانية التي أرسلتها شركة بدر للطيران إلى الأقصر، غادرت المطار في الساعة الرابعة وأربعين دقيقة من صباح الخميس.

وقلنا في بيان إنهم "تلقوا إفادات من خمسة ركاب كانوا على متن نفس الطائرة، قالوا فيها إنهم لم يسمعوا أي أصوات إنذار قبل الهبوط الاضطراري".

وعند نزول الركاب من الطائرة، طلب موظفو الأمن في المطار جوازات سفر الركاب المصريين فقط، واستدعت قوات الأمن ثلاثة ركاب، من بينهم سلام، ولكن لم يُمنع من الصعود إلى الطائرة البديلة سوى سلام.

ووفقا لمنظمة "نحن نسجل" تم احتجاز سلام في البداية لاستجوابه في مطار الخرطوم قبل صعوده على متن الطائرة يوم الأربعاء.

 

قمع سياسي

وسلام، وهو مهندس مدني، كان مسافرا دائما بين السودان وتركيا إلى شركة هندسية خاصة، وفقا للباحث في مجال حقوق الإنسان والمحامي هيثم غنيم.

معروف عن سلام أنه مؤيد لجماعة الإخوان المسلمين، أكبر جماعة معارضة في مصر، والتي تعتبرها حكومة عبد الفتاح السيسي جماعة محظورة.

وكان قد حُكم عليه غيابيا بالسجن 25 عاما بعد محاكمة عسكرية جماعية، في إطار القضية رقم 64 لعام 2017، التي أطلقت عليها وسائل الإعلام اسم "قضية نائب المدعي العام".

وأشار غنيم إلى أن التهم الموجهة إليه من قبل النيابة العسكرية تشمل حيازة الأسلحة النارية، ولكن لم يتم تقديم أي دليل يدعم هذا الاتهام، وقد أقام في السودان خوفا من الاضطهاد في مصر.

وصل السيسي إلى السلطة بعد الانقلاب على أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا، الشهيد محمد مرسي، وهو شخصية قيادية في جماعة الإخوان المسلمين، عام 2013، ومنذ ذلك الحين، استهدفت حكومته أعضاء وأنصار إدارة مرسي في حملة قمع واسعة النطاق. وفي يونيو 2019، توفي مرسي أثناء احتجازه في ظروف وصفها خبراء الأمم المتحدة بأنها قتل تعسفي بتصديق الدولة.

ولم يتضح بعد ما إذا كان الهبوط الاضطراري تم بالتنسيق بين حكومتي مصر والسودان، والقيادة العسكرية في البلدين حليفان.

وقد انزلق السودان إلى حالة من الفوضى منذ الانقلاب الذي قاده الجنرال عبد الفتاح البرهان في تشرين الأول الماضي والذي أطاح بالمجلس الانتقالي المدني-العسكري الذي يتولى السلطة منذ الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير في 2019.

يظهر تحليل القضية 64/2017 من قبل "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" أن 299 متهما مدنيا واجهوا محاكمة عسكرية بتهم التورط في 17 هجوما إرهابيا وقعت في عدة حكومات في الفترة من 2014 إلى 2016.

وأدت الهجمات، وفقا لملفات القضية، إلى مقتل 15 شخصا، معظمهم من ضباط الشرطة والجيش، وتشمل التهم أيضا محاولة اغتيال مساعد المدعي العام زكريا عبد العزيز في 30 سبتمبر 2016، ومحاولة اغتيال مفتي الجمهورية السابق الدكتور علي جمعة في 5 أغسطس 2016.

ووفقا للمرصد الأوروبي لحقوق الإنسان، انتهكت المحاكمة الإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك إخضاع 120 متهما للاختفاء القسري لما يقرب من خمسة أشهر، بينما تعرض 77 شخصا للتعذيب البدني والنفسي لانتزاع اعترافات بالإكراه، كما تم التحقيق مع 85 متهما من دون محام، بحسب المنظمة، و 14 كانوا من القصر وقت الاعتقال.

 

أمر مرعب

وقد دق العديد من المدافعين المصريين عن حقوق الإنسان ناقوس الخطر بعد اعتقال سلام.

وقد دعا البعض إلى مقاطعة شركة "بدر للطيران" من أجل تسليم سلام إلى حكومة السيسي، وقال آخرون إن "الحادث يذكرنا بالقبض غير العادي على الصحفي البيلاروسي رومان بروتاسيفيتش في يونيو من العام الماضي، بعد أن تم تحويل مسار رحلته من شركة "ريانير" إلى ليتوانيا وهبطت في مينسك بسبب تهديد مزيف بوجود قنبلة.

وقالت منى سيف، الناشطة في مجال حقوق الإنسان وشقيقة الناشط المعتقل علاء عبد الفتاح "تفاصيل هذه القصة مروعة، على غرار ما فعلته روسيا البيضاء مع صحفي هناك، حيث وقف العالم دون رد فعل قوي".

وأضافت "هناك مرحلة جديدة يتم فيها هبوط الطيران المدني في مطار ليس مقصده لتسليم المنشقين السياسيين".

ودعا الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل إلى مقاطعة شركة "بدر للطيران" بسبب الحادث.

وأضاف أنه يجب محاسبة الشركة على ما سيحدث لشاب مظلوم مضطهد.

وفي حين أن اعتقال سلام بعد إعادة توجيه رحلته إلى مصر لم يسبق له مثيل، فإن اعتقال المعارضين من المطارات ممارسة شائعة منذ أن استيلاء السيسي على السلطة في عام 2014.

وقد وصفت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي أنهت مؤخرا نشاطها في البلاد بسبب القوانين القمعية للمجتمع المدني، المطارات المصرية بأنها فخ لمعارضي الحكومة ومنتقديها.

وقد تم توقيف العديد من الصحافيين والمحامين ومنتقدي الحكومة في المطارات المصرية، سواء عند وصولهم أو في طريقهم إلى خارج البلاد، ومنهم الناشط الحقوقي باتريك زكي، والصحافي جمال الجمل، والباحث إسماعيل الإسكندراني، والصحافي أحمد جمال زيادة، والمحامي الحقوقي إبراهيم متولي.

وأشرف السيسي على ما وصفته هيومن رايتس ووتش، بأنه أسوأ حملة على حقوق الإنسان في التاريخ الحديث للبلاد.

وقالت الجماعة في تقريرها العالمي لعام 2022 إن "قوات أمن الانقلاب تصرفت بانتظام دون عقاب، وقامت بشكل روتيني بعمليات اعتقال تعسفي واختفاء قسري وتعذيب للناشطين السياسيين الحقيقيين أو المشتبه بهم، وكذلك للمواطنين العاديين".

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش "استمرت حكومة عبد الفتاح السيسي في عام 2021 في مسيرتها التي اتسمت بالقمع المستمر".

فعشرات الآلاف من السجناء السياسيين يقبعون حاليا في السجون المصرية، بمن فيهم أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن نشطاء معارضين علمانيين ويساريين دعموا الثورة المؤيدة للديمقراطية في العام 2011.

 

https://www.middleeasteye.net/news/egypt-luxor-man-arrested-sudan-plane-emergency-landing