«شخلل أيها المواطن».. هل يرفع الجيش مقاسات سد النهضة استعدادا لضربه ؟

- ‎فيتقارير

لا صوت يعلو فوق صوت جباية مصالحة المباني، والمليارات التي يحلبها السفاح المنقلب السيسي من جيوب المصريين الذين يعانون خلال هذه الفترة من نضوب مياه النيل، وانقطاع المياه في العديد من المناطق، ويعلمون أنهم مقبلون على مرحلة خطيرة من احتمالية العطش وموت الزراعة، بسبب سد النهضة الذي أوشكت إثيوبيا على استكمال مراحله الثلاث.

وبينما يضع السفاح السيسي المصريين في مربع العطش الذي لم تعرفه البلاد قبل ذلك، يرسل الجنود والضباط إلى القرى والنجوع لتنفيذ قانون المصالحة، فيما قررت حكومة الانقلاب التكتم على المصيبة ومنع إذاعة المؤشر اليومي لمنسوب النيل، حتى لا يتذكر الناس الأزمة التي يُنتظر أن تواجههم.

وفي عام 2015 وقع السفاح السيسي مع إثيوبيا والسودان اتفاقية للتنازل عن الحق المصري في الاعتراض على بناء سد النهضة، ما أهّل البلد الأفريقي العتيق، منذ تلك اللحظة لأن تضع في بطنها "بطيخة صيفية"، وفقا للمثل المصري المعروف، حتى تواصل بناء السد دون الخشية من ملاحقة دولية أو إقليمية.

 

رشاوى إجبارية!

وتتشابه عصابة الانقلاب في مصر مع سياسات كيان العدو الصهيوني تجاه هدم منازل الفلسطينيين، وبرر كيان العدو الصهيوني عمليات الهدم بأنها دون ترخيص، ولكن الفلسطينيين والمؤسسات الدولية والأمم المتحدة يقولون إن "كيان العدو نادرا ما يوافق على طلبات ترخيص المباني في القدس والمناطق المصنفة "ج" التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية".

ويواجه مئات الآلاف من المصريين خطر هدم منازلهم، إذا لم يتمكنوا من دفع الغرامات التي فرضتها عليهم سلطات الانقلاب التي تشن حملات ضد البناء المخالف، وكأنهم يعيشون تحت الاحتلال الصهيوني.

واشتكى عدد من المصريين من فرض موظفي عصابة الانقلاب مبالغ مالية ورشاوى، يتحصلون عليها مقابل إنهاء ملفات المصالحة في مخالفات المباني، بمبالغ تتراوح بين ألف و5 آلاف جنيه.

وفي نوفمبر 2021، أكد آخرون أن نقاط الشرطة في الريف المصري، أوكلت إلى بعض أفرادها بكل قرية متابعة الرقابة على عمليات البناء أو الترميم في القرى.

وأوضحوا أن هذه العناصر التابعة للشرطة، قلدوا ما يفعله موظفو عصابة الانقلاب بالحصول على مبالغ من المواطنين مقابل عدم الإبلاغ عن مخالفات البناء.

ويمثل تهديد عصابة الانقلاب بالهدم ضربة للمصريين بعد سنوات الانقلاب، والانهيار الاقتصادي وارتفاع الأسعار وتداعيات فيروس كورونا.

وقالت شيماء، وهي من سكان قرية دفرية بمحافظة كفر الشيخ "أكافح وأشتغل في جمع المحاصيل باليومية، من أجل أكل بناتي الثلاثة، من بعد ما مات زوجي في الكويت منذ سنة".

وأضافت "دخلي حوالي 1500 جنيه شهريا من شغلي ومن معاش أبويا المتوفى، الحكومة عايزة 15 ألف جنيه عشان التصالح، أجيب منين فلوس للمصالحات؟

 

وتستمر الكارثة!

وما زالت المخاوف من هدم المنازل تسيطر على سكان القاهرة ومختلف المحافظات، إذ سارع البعض لإتمام عمليات المصالحة بعد أن اقترض المبالغ المطلوبة، في حين يعجز الكثير من المواطنين عن دفع الغرامات المطلوبة.

وقال المواطن أحمد إسماعيل من سكان فيصل بالجيزة إنه "اضطر إلى اقتراض المقدم المطلوب للتصالح، وقام بدفعه في محافظة الجيزة، إلا أنه يتخوف من عدم قدرته على دفع باقي الأقساط المطلوبة في موعدها وتعرض وحدته السكنية للهدم".

وقال مواطن آخر، رفض ذكر اسمه إن "محافظة الجيزة أرسلت لكل سكان الشارع الذي يسكن فيه إخطارات بدفع الغرامة، ومعظم السكان غير قادرين على الدفع".

وبينما تتحمس عصابة الانقلاب في جباية المصالحة وهدم المباني ، تتراخى مع إثيوبيا وتتكاسل عن عمد في مواجهة كارثة سد النهضة، ويعد سد النهضة أكبر تهديد للزراعة المصرية، منذ الشدة المستنصرية التي ضربت البلاد في عهد الخليفة المستنصر الفاطمي بين عامي ٤٥٧ و٤٦٤ هجرية أواخر ١٠٦٤ إلى أواخر ١٠٧١ ميلادية، والتي تسببت في جلاء وهجرة الكثير من المصريين بسبب الغلاء والجوع الذي ترتب على جفاف النيل وحصار القاهرة من قبل الوزير ناصر الدولة الحمداني وعصابات العربان التي كانت معه، ووصلت الأمور حسبما ذكر المؤرخون أمثال بن تغربردي والمقريزي، إلى أن أُكلت الجيف والحيوانات، بل والصبية والنساء والفقراء والضعفاء.

هذا السيناريو الكارثي مرشح للتكرار بدرجة كبيرة حال تنفيذ إثيوبيا وداعميها لمخطط بناء السد، وجفاف النيل وتعطيش مصر وبوار ملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية، وفقدان الملايين لأعمالهم المرتبطة بالزراعة ومياه النيل.

ولا تقتصر أضرار السد على الزراعة فقط، بل تتعداها إلى خفض الطاقة الكهربائية للسد العالي، وكذلك توقف كل الأعمال المرتبطة بالنيل، مثل النقل النهري والرحلات النيلية والسياحة النيلية والصيد من النيل وغير ذلك.

الوضع الحالي لمصر في ملف المياه كارثي بكل ما تعني الكلمة، والسبب في ذلك يرجع للسفاح السيسي الذي فرّط في حقوق مصر التاريخية في النيل بتوقيعه على اتفاقية المبادىء في الخرطوم، ولم يتضمن الاتفاق أي بند يحفظ حقوق الشعب المصري في مقدراته المائية، ولذلك فشبح العطش وبوار الأراضي الزراعية ماثل للأعين.

وبدأت بوادره في جفاف الأراضي وحروب المياه في بعض المحافظات مثل الدقهلية والبحيرة والقليوبية، والعديد من قرى ومراكز الصعيد، وللخروج من المأزق الحالي لابد من تواجد إدارة وإرادة حقيقية تنقذ البلاد من الهلاك الوشيك، وتملك أدوات القوة لاستعادة حقوق الشعب، وإنقاذ الوطن من المجاعة المقبلة، ولا تستبعد حلا عسكريا.