تواصل الانتهاكات ضد قيادات الإخوان بعد نقلهم من «العقرب» إلى «بدر3».. تفاصيل جديدة

- ‎فيحريات

في يوم السبت 2 من يوليو 2022م، وفي صمت مريب وسكون تام وتحت جنح الظلام ، قامت سلطات الانقلاب العسكري بنقل مئات المعتقلين السياسيين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين والقوى السياسية من سجن "العقرب1" شديد الحراسة إلى سجن "بدر 3" بمنطقة الصحراء شرق القاهرة على بعد نحو 50 كم من العاصمة.

ومنذ مارس 2015، مُنِع سجناء "العقرب" من الزيارة أو التواصل مع ذويهم ومحاميهم؛ فقد ساهم هذا الانقطاع عن العالم الخارجي في تفاقم الانتهاكات ضد المعتقلين السياسيين، ودفعهم إلى الدخول في إضرابات عن الطعام أكثر من مرة، وأكدت "هيومان رايتس ووتش" أن سجن العقرب يُحتجز فيه حالياً ما بين 700 و800 سجين، مع حظر الزيارات العائلية بالكامل منذ مارس 2018، وحرمان ساعات التريّض والحبس لمدة 24 ساعة منذ مطلع 2019.

ووقعت حالات وفيات عدة داخل سجن العقرب 1، بسبب سوء أحوال السجن والإهمال الطبي، من ضمنها وفاة القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور عصام العريان، الذي أصيب داخل محبسه بالالتهاب الكبدي الوبائي (فيروس سي)، ورغم تقديم طلبات بنقله إلى معهد الكبد لتلقي العلاج، فإن إدارة السجن رفضت نقله أو إحضار لجنة طبية إلى السجن لفحص حالته. وكذلك توفي الدكتور عمرو أبو خليل في زنزانته الانفرادية، وكان قبل وفاته ممنوعاً حتى من ارتداء نظارته الطبية وإدخال ملابس أو أدوية. ومنذ 2015 توفي مايزيد عن 14 معتقلا سياسيا في العقرب وحده،  وفقاً لبحث أجرته "هيومن رايتس ووتش" وتقارير حقوقية وإعلامية أخرى.

تمكن النظام من نقل نصف المعتقلين بسجن العقرب في يوليو 2022، ويبدو أن هيئة السجون تمكنت من نقل  باقي المعتقلين خلال الأسابيع الماضية، حينها نقلت منظمة "نحن نسجل" الحقوقية عن مصدرين مستقلين مختلفين بدء  مصلحة السجون في نقل السجناء المحتجزين داخل سجن العقرب شديد الحراسة منذ صباح السبت 2 يوليو، مما أثار مخاوف الأهالي حول مزيد من العزلة، في حين كان بعضهم يأمل في تمثل هذه النقلة نهاية للانتهاكات المتواصلة بحق المعتقلين منذ انقلاب 03 يوليو 2013م، وأن يكون ذلك بداية انفراجة في المعاملة وفتح أبواب الزيارة لذويهم الذين يحرمون من كل حقوقهم الدستورية والقانونية ويتعرضون لانتهاكات واسعة تحت رعاية النظام وأجهزته وقضائه الشامخ.

السيدة سناء عبدالجواد زوجة الدكتور محمد البلتاجي المعتقل حاليا والمحكومة عليه حكما باتا بالإعدام يتهم سياسية وجنائية ملفقة وتناقض الواقع والمنطق؛ كما أن ابنها أنس محبوس بذات السجن، اعتبرت هذه الخطوة مزيدا من التعقيد والانتهاكات لأن النظام بذلك يعزل المعتقلين في الصحراء بدلا من وجودهم في القاهرة   وتضيف «الهدف عزلهم عن الدنيا كلها في أماكن أكثر بعداً عن كل البشر، فلا يعرف عنهم شيء أكثر مما هو كائن الآن».

 

تواصل الانتهاكات

وحاليا مع كتابة هذه السطور في 28 سبتمبر 2022م،  تجددت شكاوى عدد من أهالي السجناء السياسيين من سوء معاملة ذويهم بعد نقلهم من سجون طرة إلى مركز الإصلاح والتأهيل في مدينة بدر شرق القاهرة، وحرمانهم من أغلب حقوقهم القانونية، بما فيها السماح للأهالي بالزيارة، والتريض، وإدخال الأدوية للمساجين ذوي الأمراض المزمنة.

وبحسب جبهة أهالي المعتقلين، يتعرض سياسيون بارزون محتجزون داخل المركز لإهانات من قبل الموظفين، ما دفع أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين المحتجزين، لإعلان إضرابه عن الطعام منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. وطالبت الجبهة في بيانها بإجلاء مصير أوضاع المحتجزين داخل مركز إصلاح وتأهيل بدر3، والتوقف الفوري عن حرمانهم من حقوقهم الأساسية التي يكفلها قانون تنظيم السجون ولائحته التنفيذية. كما طالبت المجلس القومي لحقوق الإنسان بالاضطلاع بدوره وتنظيم زيارة رسمية للمركز.

وينقل موقع "مدى مصر" عن  بعض أهالي المعتقلين ــ بشرط عدم ذكر أسمائهم خوفًا من الملاحقة القانونية ــ قولهم إن وزارة الداخلية بدأت في نقل ذويهم من سجن شديد الحراسة 1 في طرة، المعروف باسم العقرب، خلال الأسابيع الماضية وبشكل سري أثناء الليل دون إخطار الأهالي، الذين علموا في وقت لاحق أن ذويهم نُقل معظمهم إلى مركز الإصلاح والتأهيل بدر 3، بالإضافة إلى بعض المحتجزين الذين نُقلوا إلى سجن شديد الحراسة 2 في طرة، قبل أن ينضموا خلال الأيام الماضية إلى المحتجزين في «بدر 3». وأوضح عدد من الأهالي أن أغلب السجناء المنتقلين إلى «بدر 3» محتجزون على ذمة قضايا سياسية، منهم من صدر ضدهم أحكام قضائية بالفعل، وأيضًا ممن ما زالوا في مرحلة الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا اتهموا فيها بالإرهاب، على الرغم من تبرئتهم من قضايا مماثلة في وقت سابق، وتجاوز احتجازهم الحد الأقصى للحبس الاحتياطي.

بحسب أهالي المعتقلين، فمنذ احتجازهم قبل سنوات، عانى المحتجزون في سجن العقرب من حرمانهم من حقوقهم التي يكفلها لهم القانون، بما فيها الحق في التريض، والزيارة، والسماح بدخول الأدوية والطعام والملابس وأدوات العناية الشخصية، «لما عرفنا انهم اتنقلوا لسجن بدر، بعض الأهالي افتكروا انه يكون فيه تحسن»، قال أحد الأهالي. «لكن، الوضع استمر في نفس السوء، بل أكثر سوءًا من ذي قبل».وبحسب المصدر، ﻻ تزال إدارة سجن بدر 3 ترفض السماح للسجناء السياسيين ذوي الخلفية الإسلامية بالتريض أو السماح لهم بالزيارات الدورية والاستثنائية، كما ترفض تمامًا حصولهم على الطعام والكتب والملابس والأغطية وأدوات العناية الشخصية، كما تحرمهم من حقهم في إرسال واستقبال خطابات من أهاليهم، على الرغم من أن القانون يكفلها لهم كحقوق أساسية.

علاوة على ذلك فإن سجن بدر 3  يقع بعيدًا عن القاهرة، وهو ما يزيد من معاناة الأهالي الذين يحاولون يوميًا الوصول لذويهم، على عكس العقرب الذي كان في القاهرة نفسها. وبحسب الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والتي أدانت في بيان لها بداية الأسبوع الاستمرار في حرمان المحتجزين من حقوقهم، فإن أوضاع الأهالي أثناء الزيارة شهدت بالفعل تحسنًا، من ناحية وجود مظلة وكافتيريا والتفاعل مع الاستعلامات من قبل الأهالي، إلا أنه لم يتم السماح لهم بأي زيارة أو تمكينهم من رؤية ذويهم حتى الآن.  

هذه الانتهاكات بحق المعتقلين السياسيين تضرب كل حملات الدعاية البيضاء من جانب النظام لسجن بدر 3 حين تم افتتاحه في نهاية 2021م على مساحة 85 فدانا ويضم ثلاثة مقار احتجاز. حين عرضت وزارة الداخلية مقطع فيديو أظهر لقطات من داخل غرف الاحتجاز المزودة بشاشات لعرض مباريات كرة القدم ومطاعم مُجهزة، وغُرف للموسيقى والرسم والتعليم، بالإضافة إلى مسجد وكنيسة مكيفين وملاعب لكرة القدم.