مصر تنتفض ضد السيسي والغضب يجتاح “المحامين” وحي الزمالك وسيناء

- ‎فيتقارير

في أعقاب فشل دعوات التظاهر في 11/11 الماضي "2022"، خرجت صحف الانقلاب تطبل للنظام واعتبرت عدم خروج أحد للتظاهر أمام جحافل الأمن التي انتشرت في كل شارع وميدان صفعة لجماعة الإخوان المسلمين؛ رغم أن الجماعة لا علاقة لها بهذه الدعوات، ولم يصدر عن الجماعة بيان رسمي أو تصريح واحد رسمي بذلك. نعم  تبنى الدعوة لهذه المظاهرات أفراد وهيئات معارضة في الخارج لكنهم ليسوا الإخوان.  فتقديرات الموقف التي  تم رفعها لقيادات الجماعة قبل 11/11 أكدت على  أن نسبة نجاح دعوات التظاهرات في ظل الإجراءات التي اتخذها النظام وغياب الكتلة الثورية التي تقود الجماهير ضيئلة للغاية وتكاد تكون منعدمة، وإن كانت هذه التقديرات  لم تستبعد حدوث أي شيء لأن الوضع في مصر بالغ الاضطراب والمستقبل حالك السواد والغموض في ظل فشل نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي في كل الملفات وتدهور الأوضاع على نحو غير مسبوق.

 

احتجاجات آلاف المحامين

على كل حال فقد فشلت دعوات التظاهر لكنها في ذات الوقت برهنت على هشاشة النظام الذي يتستر بجحافله الأمنية والعسكرية خوفا من ثورة الجماهير. لكن النظام تفاجأ بأن الاحتجاجات عمت مصر وانطلقت في كافة محافظات الجمهورية دون سابق إنذار؛ فقد تظاهر آلاف المحامين اليوم للمرة الثانية أمام مقر نقابتهم، وهو الاحتجاج الثاني عقب وقفتهم الأولى يوم الخميس أول ديسمبر الجاري في القاهرة وعدد من  فروع نقابات المحامين بالمحافظات احتجاجا على اتجاه حكومة الانقلاب نحو إقرار الفاتورة الإلكترونية على المحامين لتقدير الضرائب المستحقة عليهم في ظل تراجع الوضع الاقتصادي وضعف إيرادات الدولة مقارنة بحجم المصاريف.

كما تظاهر محامو المنصورة يوم السبت 3 ديسمبر لنفس  الأسباب. كما شهدت قاعات المحاكم إضرابات جزئية من جانب المحامين من خلال الامتناع عن التعامل مع خزائن المحاكم. ولا  تزال الأزمة مرشحة للتصعيد في ظل محاولات النظام العسكري استرضاء المحامين لمنع انتقال عدوى الاحتجاجات.

كانت مصلحة الضرائب أعلنت، في نوفمبر الماضي، إلزام المنشآت الفردية، سواء كانت تجارية أو صناعية أو خدمية أو مهنية (مثل الأطباء، والمهندسين، والمحامين، والفنانين، والمحاسبين القانونيين، والاستشاريين) وجميع أصحاب المهن الحرة، بالتسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية في موعد أقصاه 15 ديسمبر. وأعلنت النقابة العامة للمحامين من جانبها، رفضها لما أسمته «التسجيل القسري» للمحامين في منظومة الفاتورة الإلكترونية، غير أنها طالبت بإرجاء الحديث عن أية إجراءات تصعيدية من قبل الجمعيات العمومية للنقابات الفرعية، وذلك عقب اجتماع النقيب، عبد الحليم علام، ونقباء النقابات الفرعية. وجاء اجتماع مجلس النقابة العامة والنقابات الفرعية على ضوء اجتماع النقيب مع وزير المالية، محمد معيط، ورئيس مصلحة الضرائب، الأسبوع الماضي، لمناقشة المسألة، والذي انتهى ببيان من النقابة يعلن الفشل في الوصول لحل للأزمة، ما دفع النقابات الفرعية لاتخاذ إجراءات تتجاوز مجرد رفض الفاتورة الإلكترونية.

 

احتجاجات قبائل سيناء

في ذات الوقت تظاهر المئات من أبناء القبائل الموالية للجيش في محافظة شمال سيناء. فقد شهدت مناطق جنوب رفح تجمعات ليلية لمئات المواطنين البدو من سكّان المنطقة، وهم المكون الأساسي للمجموعات القبلية التي تساند الجيش ضد تنظيم «ولاية سيناء» التابع  لتنظيم"داعش" من مدن رفح والشيخ زويد خلال الأشهر الماضية، بعد سنوات من عدم قدرة الجيش على حسم المعركة. ويشارك المواطنون البدو في التجمعات، للتعبير عن رفضهم للإجراءات التي تتخذها قوات الجيش تمهيداً لتهجيرهم من قراهم التي يعيشون فيها منذ عشرات السنين. وخلال شهر أكتوبر 2022 شرعت أجهزة السيسي الأمنية في تهجير أهالي تسع قرى من العائدين حديثا وكلهم من القبائل المساندة للجيش بدعوى تطوير المنطقة؛ الأمر الذي يعيد إلى الأذهان مشروعات صفقة القرن وهو ما يتزامن مع عودة بنيامين نتنياهو رئيسا لحكومة الاحتلال. وكان السيسي قد أقام منطقة عازلة مع قطاع غزة سنة 2014 لهدم الأنفاق التي كان يتنفس منها أهالي غزة وتشديد الحصار  على المقاومة وإجبارها على الخضوع والإذعان للمخططات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة. وحاليا يجري التضييق على أهالي المناطق الجديدة وطرد سكانها، فهي مناطق على تماس مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ما يضع علامات استفهام كبيرة حول هذه الخطوة التي من شأنها تفريغ المنطقة من سكانها الأصليين. وبذلك فالخريطة الجغرافية في شمال سيناء، باتت تتضح مع مرور الوقت أكثر فأكثر، حيث إن المنطقة الواقعة داخل الجدار الذي أقيم على الحدود الغربية لمدينة رفح، ستكون بلا سكّان مصريين نهائياً في غضون أسابيع.

 

عمرو موسى ومنير فخري و"عبيد" يتظاهرون!

 وتظاهر أهالي حي الزمالك يوم السبت 03 ديسمبر 2022،  أمام كورنيش النيل بشارع سرايا الجزيرة. وحي الزمالك هو أحد أرقى الأحياء بمحافظة القاهرة حيث كان الحي يمتلئ بقصور الباشوات في العصر الملكي، وحاليا يقطنه أبناء الطبقة الثرية من أبناء البشاوات والجنرالات وكبار رجال الأعمال. وذلك للمطالبة بوقف مشروع إقامة جراج سيارات ضمن مشروع ممشى مصر، مكان إحدى الحدائق المطلة على النيل، بالشارع الذي يعد أحد المداخل الجنوبية لجزيرة الزمالك. بحسب هاني القللي، أحد سكان الزمالك، فوجئ سكان شارع سرايا الجزيرة منذ شهر بأعمال إنشائية في الشارع، وبدأت الكراكات تزيل الأشجار، وعندما استفسر عدد من السكان اكتشفوا أن الحكومة تعتزم إنشاء جراج لرواد المراكب السياحية في الجهة الشرقية للجزيرة. وقال القللي: «نظمنا وقفة احتجاجية، وعندما جاء الأمن وتواصل معنا تساءلنا: كيف تنظم مصر مؤتمرًا للمناخ ويتم إزالة الأشجار في نفس الوقت؟، وتوقف العمل بالمشروع في خلال 24 ساعة، وفي اليوم التالي أزالوا الكراكات، وعندما انتهى مؤتمر المناخ عادت البلدوزرات لاستكمال الأعمال»!

الخلاصة أن سقوط نظام الدكتاتور السيسي مسألة وقت؛ فقد فشل الجنرال في إدارة البلاد على نحو صحيح، فساءت الأحوال وتدهور الوضع الاقتصادي وزادت معدلات الفقر والجريمة، ولم يعد هناك حتى ما يعد به بعدما كذب في كل وعود السابقة فقد وعد الناس بالمن والسلوى فإذا بهم يتساقطون بعشرات الملايين تحت خط الفقر. معنى ذلك أن النظام في ظل تدهور قيمة الجنيه واحتمال إجراء تعويم رابع  خلال الأيام المقبلة قد يسقط بالتداعي التلقائي، وسوف يجد الناس أنفسهم غير قادرين على تحمل الأوضاع التي تتدهور كل ساعة وكل يوم ولم يعد الجنرال يملك شيئا يمكن به وقف النزيف المستمر والمتواصل.