من توعد بنقل الحرب إلى شوارع طهران تصالح معها.. ماذا حدث؟

- ‎فيعربي ودولي

هزتان أرضيتان لم يسبق لهما مثيل  منذ ما يقارب السبعين عاما تضربان واشنطن مركزهما الرياض، الأولى حصلت عام ١٩٨٦ عندما اشترت السعودية صواريخ استراتيجية بعيدة المدى من الصين، الثانية عندما أعادت السعودية علاقتها مع إيران برعاية صينية.

لم ‏تعد الصين تركز في علاقاتها مع المنطقة على الطاقة والتجارة، فهي الآن تحاول لعب دور في السياسة، ما يؤشر ‏لفصل جديد من التنافس بين بكين وواشنطن.

 

لا يثقون بالإيرانيين

وتطرقت المحادثات السعودية الإيرانية، التي جرت خلف الأبواب ‏المغلقة في الأسبوع الماضي، إلى ملفات حساسة بين البلدين، ‏ووافقت السعودية على تخفيف لهجتها الناقدة لإيران من خلال “إيران إنترناشونال” المحطة الفضائية، والتي يمولها رجال أعمال سعوديون، حسب مسؤولين من البلدين.‏

السعوديون لا يثقون بالإيرانيين ولا بوعودهم، لكنهم يثقون بشركائهم الصينيين، ويعلمون أن الصين ستضمن أن تقوم إيران التي تحتاج الصين لإنقاذها اقتصاديا بتنفيذ جميع بنود اتفاقية عودة العلاقات السعودية الإيرانية.

اتهمت طهران منصة “إيران إنترناشونال” بالتحريض على الاحتجاجات التي مضى عليها عدة أشهر، ووصفها مدير ‏المخابرات الإيرانية بالمنظمة الإرهابية.

فيما تقول المنظمة الإعلامية إنها "مستقلة، حيث أكد المتحدث باسم “فولانت ميديا” ‏التي تملك القناة “لم تكن العلاقات الإيرانية السعودية عاملا في تغطيتنا ومعايير التحرير”.

في المقابل، وافقت إيران ‏على التوقف عن التحريض على الهجمات الحدودية التي تشنها جماعة أنصار الله اليمنية “الحوثيين” الموالية لإيران في اليمن.

 

مسلسل "معاوية"

الصدوع في الشرق الأوسط أعمق من أن تلتئم في أعقاب اتفاق، الأرجح أنه عابر، فالشقاق وصل إلى مناطق تقدمت معها المصلحة بالحرب على المصلحة بالتسوية، والصين أقل حضورا في التفاصيل من واشنطن، والشراكات الاقتصادية على أهميتها، لا تكفي لرأب صدع أهلي لطالما استُحضر من قرون غابرة، ولنا بمسلسل معاوية مثال ونموذج.

 الاتفاق برعاية صينية ولد من لا شيء، من هي الصين لكلا البلدين؟ شريك تجاري هل هذا يكفي؟ الأرجح أن على المسارعين إلى التفاؤل، أن يتحلوا ببعض الروية، للسعودية حساب مع واشنطن، وفي الفترة الأخيرة مع أبو ظبي، وطهران مأزومة بسبب العقوبات الغربية، الصين ليست مخرجا من الاختناقين، ولا تملك دالة على معظم خطوط النزاع.

المحتفلون الممانعون بالاتفاق، وغير الخجلين مما سيفضي إليه خطاب شيطنة آل سعود، يعتقدون أن ما حصل هو انتصار لـخيار الشرق، أما المرحبون بـالإنجاز الصيني من الجهة الأخرى، فهم لطالما غرقوا في “شبر من الماء”، وعادوا بعد غرقهم إلى مواقعهم خائبين.

على ماذا اتفقت السعودية وإيران؟ على إنهاء الحرب في اليمن؟ أم على رئيس للجمهورية في لبنان؟ ماذا عن الانقسام الفلسطيني، أم الاستعصاء السوري، وهل العراق جزء من الصفقة؟ هذه قضايا تحتاج إلى سنوات من التفاوض وإلى فرق ووفود وتفاصيل ومباحثات تعقب إعلان الرغبة في تسويتها.

لا يكفي أن تعلن دولتا الحروب الأهلية عن نيتهما في حلها، وغياب واشنطن عن الصفقة تبقيها أحادية، فهذا الغياب يعني غياب تل أبيب والقاهرة، ناهيك بأبو ظبي وعمان.