الأمن القومي مهدد.. السيسي يستنجد بالأمريكان  لحل مشكلة سد النهضة

- ‎فيتقارير

تواجه مصر مجاعة محتملة جراء التعنت الإثيوبي والإصرار على استكمال سد النهضة (تم بناء نحو 90% من الإنشاءات) دون اتفاق ملزم مع دولتي المصب مصر والسودان منذ توقف جولات المفاوضات الثلاثية  منذ إبريل 2021م والتي فشلت في التوصل لحل للمشكلة. وخلال الأيام الماضية حدث أمران هامشيان بشأن توتر العلاقات المصرية الإثيوبية بهذا الخصوص:

الأول، هو تصريحات الدكتاتور عبدالفتاح السيسي في مؤتمر صحفي مشترك خلال استقباله الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، الذي زار القاهرة الأحد 04 يونيو 2023م في زيارة استغرقت ثلاثة أيام. وتحدث السيسي عما أسماه « حلول وسط للأزمة»؛ حيث قال السيسي: «شددنا على أهمية حث إثيوبيا على التحلي بالإرادة السياسية، للأخذ بأي من الحلول الوسطى التي طُرحت على طاولة التفاوض، والتي تلبي مصالحها، من دون الافتئات على حقوق ومصالح دولتي المصب، وذلك من أجل إبرام اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة».

الثاني، هو فتح النقاش مع عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي في عدد من الملفات ــ حسب بيان صدر عن الكنيسة الإنجيلية بالقاهرة الثلاثاء 6 يونيو 2023م ــ  من جانب وفد الحوار المصري الأميركي الذي زار واشنطن، داعين الإدارة الأمريكية للضغط على إثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة، والتدخّل المباشر على خط الأزمة من أجل التوصل لحل.

 

المقصود بـ«حلول وسط»

وثار خلاف بين الخبراء والمختصين حول مغزى ومعنى تصريح السيسي حول ما أسماها بـ«حلول وسط»، ويرى أستاذ هندسة السدود المصري محمد حافظ، أن "حديث السيسي تضمن أمرين في آن واحد، وهما الحل الوسط والاتفاق الملزم، ويجب معرفة العلاقة بين الاثنين، لأنه حتى هذه اللحظة لم يظهر بالإعلام المصري أي تفسير لما يقصده السيسي بالمصطلح الجديد في الخطاب السياسي بشأن سد النهضة وهو الحل الوسط، بالإضافة إلى عدم معرفة الشعب المصري ماذا يقصد بمصطلح ملزم".

وأوضح حافظ أن "تلك المصطلحات لا بد أن تقيّم رقمياً، فعلى سبيل المثال لا بد من معرفة كم ستكون حصة الدولة المصرية من النيل الأزرق في حال قبول إثيوبيا بالحل الوسط"، وتابع: "وفق اتفاقية 1959، فإن ما تحصل عليه مصر من تدفقات النيل الأزرق سنوياً يعادل في المتوسط 40 مليار متر مكعب، بينما يحصل السودان على ما تبقّى من التدفقات أي 8.5 مليارات متر مكعب، وذلك على حساب المتوسط السنوي لتدفقات النيل الأزرق والتي تعادل 48.5 مليار متر مكعب سنوياً". وأشار إلى "رفض إثيوبيا المستمر الاعتراف باتفاقية 1959".

التعتيم على مدلول هذه المصطلحات التي يطلقها السيسي يستهدف به النظام التعتيم على حقيقة معناها بما يضر بحصة مصر من مياه النيل؛ وحسب حافظ فإنه "على الرغم من عدم خروج أي مسؤول مصري بوزارة الري ليشرح للمواطن المصري ماذا يقصد بمصطلح اتفاقية ملزمة، إلا أنه وعبر ما تسرب خلال مؤتمر الدول الثلاث مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في فبراير 2020 يمكن فك لغز معنى مصطلح ملزم". وأوضح أنه "وفقاً لما تسرّب من أخبار حينذاك كان المفاوض المصري يصر على الحصول على 40 مليار متر مكعب من تدفقات النيل الأزرق كما هو منصوص عليه في اتفاقية 1959، إلا أن إثيوبيا أصرت على تخفيض هذا الرقم إلى 31 مليار متر مكعب، وهنا بدأ الخلاف حتى مع ترامب الذي مارس ضغوطاً كبيرة على الجانب الإثيوبي للاتفاق على 37 مليار متر مكعب لمصر بدلاً من 40 مليار متر مكعب وطلب تجهيز الاتفاقية للتوقيع"، مشيراً إلى أن "الوفد الإثيوبي ترك البيت الأبيض بدون حتى استئذان ترامب، ورفض التوقيع على الحل الوسط والذي هو 37 مليار متر مكعب، بينما وقّع وزير الري المصري منفرداً على هذا الأمر". وأضاف أنه "بناء على ذلك، فإنه من الممكن جداً أن يكون المقصود بالمصطلح الجديد الذي استخدمه الرئيس المصري هو حل ترامب عام 2020 ذو الـ37 مليار متر مكعب وموافقة الدولة المصرية على اقتطاع 3 مليارات متر مكعب من حصتها".

 

تسليع المياه

من جانبه، يفكك الباحث المصري في مجال البيئة والتنمية، منسق منتدى "الحق في المياه بالمنطقة العربية" عبد المولى إسماعيل، الموقف الإثيوبي المتعنت والرافض للتوصل إلى أي حلول؛ موضحا أن "الهدف الرئيس من فكرة سدود المياه بشكل عام هي تسليع المياه، لأن معدلات الربح بدأت تنقص بشكل كبير في القطاعات الصناعية الأخرى، على الصعيد الدولي والعالمي، ولذلك لم يعد أمام الشركات الكبرى سوى الاستحواذ على الموارد الطبيعية وإدخالها ضمن الأسواق التبادلية، بمعنى إخضاعها لأسواق العرض والطلب". وراح يشرح ذلك موضحا أن «هناك ما يُسمى بكفاءة السد في ما يتعلق بتوليد الطاقة الكهربائية، بمعنى أنه يمكن أن تكون سعة الخزان 11 مليار متر مكعب، وتولد الطاقة الكهربائية المطلوبة نفسها، وبالتالي السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تتم زيادة السعة التخزينية للسد إلى 74 مليار متر مكعب؟". واعتبر أن "هذا الأمر مرتبط بتسليع المياه وخلق أسواق للتجارة في المياه، وهذا ما سيحدث، ويفسر مماطلة إثيوبيا في إقرار اتفاق قانوني ملزم في هذا الأمر"، متابعاً "أصبحنا أمام أمر واقع، فإثيوبيا لن توقّع على أي اتفاقيات ملزمة إلا بعد إعادة النظر في الحصص المائية ككل، بمعنى تخفيض الحصة المصرية من المياه إلى ما دون 55 مليار متر مكعب"!.