نتائج الانتخابات البرلمانية تزيد المخاطر السياسية بباكستان

- ‎فيعربي ودولي

 

تأتي نتائج الانتخابات البرلمانية المدوية التي جرت الخميس الماضي، وفاز فيها 264 مرشحا من أصل 266 وتأجل انتخاب مقعد وعلقت نتائج فائز بمقعد آخر، لتزيد من الارتباك السياسي في البلاد المأزومة اقتصاديا،وديمغرافيا.

 

وأظهرت النتائج النهائية للانتخابات، التي صدرت بعد أكثر من 60 ساعة من انتهاء التصويت، فوز المستقلين بـ101 من أصل 264 مقعدا، وأغلبهم مدعومون من حزب “حركة إنصاف” الممنوع من خوض الانتخابات بقيادة رئيس الوزراء السابق عمران خان القابع في السجن.

 

وجاء في المركز الثاني حزب الرابطة الإسلامية جناح نواز شريف رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي حصد 75 مقعدا ليصبح الحزب الذي حصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان بعد أن ترشح أنصار عمران خان مستقلين.

 

وحل حزب الشعب الذي يتزعمه بيلاوال بوتو زرداري نجل رئيسة الوزراي السابقة بنظير بوتو في المرتبة الثالثة بفوزه بـ 54 مقعدا، وحصلت الحركة القومية المتحدة على 17 مقعدا، بينما فازت بقية القوى السياسية الأخرى بـ17 مقعدا.

 

أزمة سياسية

 

ووفق صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن النجاح المدوي لحزب عمران خان؛ أدى إلى إثارة أزمة سياسية في باكستان، الدولة المسلحة نوويا والتي يبلغ عدد سكانها 240 مليون نسمة.

 

وأشارت إلى أن المخاطر كبيرة، بالنظر أن الباكستانيين يواجهون ارتفاعا في معدلات التضخم وتكاليف المعيشة، وانقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، وتجدد الهجمات الإرهابية، وتوتر العلاقات مع جيرانهم.

 

5 لاعبين

 

ووفقا لنتائج الانتخابات، يتصدر المشهد السياسي 5 لاعبين سياسيين ، يتحكمون بالمشهد في المرحلة المقبلة، وهم عمران خان، ونواز شريف وشهباز شريف، بيلاوال بوتو زرداري، والجيش الباكستاني.

 

عمران خان

 

فالزعيم المسجون عمران خان رئيس الوزراء السابق ونجم الكريكيت الأشهر في باكستان، حكم عليه بالسجن لمدة 34 عاما بتهم تشمل تسريب أسرار الدولة والزواج غير القانوني.

 

وبموجب الحكم، فهو ممنوع من تولي أي منصب، ويصف أنصار عمران خان الاتهامات الموجهة إليه بأنها محاولة من جانب الجيش لإسكات منتقديه الرئيسيين.

 

وأُطيح بعمران خان، 71 عاما، من منصب رئيس الوزراء في عام 2022، لكنه عاد من جديد، حيث حشد الشباب بخطاب اتسم بالشعبوية وانتقاد للعائلات الحاكمة والمؤسسة العسكرية التي هيمنت على باكستان لعقود من الزمن.

 

وفي انتخابات الأسبوع الماضي، فاز المرشحون المتحالفون مع خان بمقاعد في البرلمان أكثر من أي مجموعة أخرى، لكنهم ما زالوا غير قادرين على تشكيل أغلبية بمفردهم، ويواجه خان متاهة قانونية وهو يسعى لمغادرة السجن.

 

ويعتقد العديد من الخبراء أن من غير المرجح أن يتمكن حزبه من تشكيل ائتلاف حاكم، نظرا لتفضيل الجيش لمنافسيه وعلاقاته المتوترة مع الحزبين الرئيسيين الآخرين.

 

نواز شريف

 

وكان نواز شريف المنافس الرئيس لعمران خان في الانتخابات الأخيرة، وكليهما سبق لها أن تحالف مع قادة الجيش عندما توليا منصبيهما، لكنهما اختلفا مع جنرالات الجيش فيما بعد، وأطيح بهما.

 

وقال محللون: إن “الضغط العسكري ساهم في صعوبة تمسك شريف بالسلطة، وعلى الرغم من كونه رئيس الوزراء الأطول فترة في باكستان، حيث تولي المنصب ثلاث فترات، إلا أنه لم يكمل ولايته قط”.

 

واستقال شريف في عام 2017، بعد أن تورط هو وعائلته في محاكمة الفساد التي قضت المحكمة العليا بعدم أهليته لتولي منصبه.

 

وأمضى شريف 74 عاما سنوات في المنفى الاختياري في لندن، قبل أن يعود إلى باكستان العام الماضي بعد التوصل إلى انفراج مع الجيش الذي شعر أنه قادر على منافسة التأييد الشعبي الذي يحظى به خان.

 

وخلال فترة ولايته الأخيرة، توقع فترة من الاستقرار الاقتصادي النسبي، لكنه اختلف في نهاية المطاف مع الجيش حول السياسة الخارجية ودوره في السياسة.

 

وفي الانتخابات الأخيرة، فاز حزبه بثاني أكبر عدد من المقاعد في البرلمان 77 مقعدا، مقارنة بـ 92 مرشحا متحالفين مع عمران خان.

 

ومن غير الواضح ما إذا كان نواز شريف سيتولى مرة أخرى منصب رئيس للوزراء، لكنه قال قبل الانتخابات، أنه يريد لعب هذا الدور فقط إذا فاز حزبه بأغلبية بسيطة، وهو ما لم يتحصل عليه وفق نتائج الانتخابات الأخيرة.

 

شهباز شريف

 

يعتبر شهباز شريف، شقيق رئيس الوزراء السابق البالغ من العمر 72 عاما، الخيار المفضل للجيش الباكستاني لمنصب رئيس الوزراء.

 

وقاد حكومة ائتلافية بعد الإطاحة بعمران خان، ويُنظر إليه على أنه أكثر احتراما للجيش من شقيقه نواز.

 

وأصبح شهباز شريف حاملا للواء، حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، وهو معروف بمهاراته الإدارية وإشرافه على مشاريع البنية التحتية الكبيرة.

 

وعلى نفس درب أخيه، لاحقته أيضا اتهامات بالكسب غير المشروع وارتكاب مخالفات كانت محور العديد من تحقيقات الفساد.

 

وقد نفى المدعي العام تلك الاتهامات عن شهباز شريف، لكنه واجه أيضا انتقادات بشأن قيادته في البنجاب، المقاطعة الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد وموطن أسرة شريف.

 

وأثناء توليه منصب رئيس الوزراء هناك، اتُهم بأنه لم يفعل سوى القليل لكبح جماح الجماعات الطائفية المتطرفة وعمليات القتل خارج نطاق القضاء، لكنه تم تبرئته من هذه التهم أيضا.

 

كما أن الحكومة الائتلافية التي ترأسها كرئيس للوزراء لم تكن تحظى بشعبية على نطاق واسع ويُنظر إليها على أنها غير قادرة على معالجة الأزمة الاقتصادية.

 

كما أن شهباز شريف لا يتمتع بالقبول الشعبي الذي يتمتع به شقيقه الأكبر، الذي يحتفظ بقاعدة دعم موالية في أجزاء من البنجاب.

 

بيلاوال بوتو زرداري

 

وبحسب نتائج الانتخابات التي وضعت حزبه الشعب في المرتبة الثالثة من حيث عدد المقاعد في البرلمان، فإن بوتو زرداري سيكون لاعبا رئيسيا في أي ائتلاف حاكم.

 

وبيلاوال بوتو زرداري، هو ابن بينظير بوتو، التي أصبحت في عام 1988 أول امرأة يتم انتخابها ديمقراطيا لقيادة دولة إسلامية.

 

تم انتخاب والدته مرتين، وتم طردها مرتين من منصبها تحت ضغط من الجيش بتهم الفساد  واغتيلت في عام 2007 بينما كانت تسعى لولاية ثالثة في المنصب.

 

ويسعى ابنها البالغ من العمر 35 عاماً إلى تغيير حظوظ حزب اشعب المتدهورة منذ وفاة والدته، وذلك جزئيا من خلال مناشدة الجماهير خارج قاعدة الحزب في جنوب باكستان.

 

ومن الممكن أن يشكل الحزب جزءا من حكومة ائتلافية بقيادة نواز شريف وفي يوم الأحد، اجتمع زعماء من كلا الحزبين لمناقشة هذا الاحتمال.

 

الجيش

 

فيما تسيطر المؤسسة العسكرية على كل هؤلاء القادة، والتي عملت لعقود من الزمن باعتبارها السلطة المطلقة في باكستان، حيث قادت القادة المدنيين، ونظمت الانقلابات، ووجهت القرارات السياسية.

 

كانت انتخابات الأسبوع الماضي بمثابة مفاجأة مذهلة للجيش، الذي اعتمد على قواعد اللعبة الفعالة الطويلة الأمد لسحق المعارضة السياسية.

 

ويعتبر على نطاق واسع أن الجنرال سيد عاصم منير، قائد الجيش، بمثابة منافس شخصي لعمران خان.

 

ولكن منذ الانتخابات، واجه اللواء منير ضغوطا للتوصل إلى اتفاق مع الزعيم المسجون قد يتضمن إطلاق سراحه في نهاية المطاف بكفالة.

 

وإذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، فيمكن لعمران خان أن يطلب من المرشحين الفائزين في حزبه الاستقالة من البرلمان احتجاجا، وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الفوضى السياسية في البلاد، مما يقوض شرعية الحكومة المقبلة.

 

وسيتعين على هؤلاء القادة أيضا محاولة التغلب على الغضب المتزايد الذي يشعر به العديد من الباكستانيين تجاه المؤسسة العسكرية في الوقت الذي تقوم فيه بقمع الاحتجاجات، في ظل تضاعف المشاكل الاقتصادية في عهدها.

 

ومع تطورات الأوضاع قبل تشكيل الحكومة وحلحلة الأزمة السياسية تبقى الساحة مفتوحة على كثير من  التقلبات السياسية والارتباك.