رغم مزاعم حكومة الانقلاب بتطوير الطرق والقضاء على العشوائيات وضبط الأسواق، إلا أن الواقع على الأرض يكشف أكاذيب الانقلاب.
حيث ينتشر الباعة الجائلون والأسواق العشوائية على جانبي خطوط القطارات، وفي محيط المحطات ما يؤدي إلى تشويه المظهر الحضاري، ويمثل تهديدا حقيقيا للمواطنين.
تداخل الأسواق مع خطوط السكك الحديدية يعكس غياب التنظيم والتخطيط السليم والفساد المنتشر في المحليات
التقرير التالي يرصد الأوضاع المأساوية في عدد من محافظات الجمهورية.
المنوفية
في محافظة المنوفية تحولت مزلقانات السكك الحديدية إلى أسواق عشوائية مكتظة بالباعة الجائلين، مما يشكل خطراً على سلامة المواطنين وتهديداً لحركة القطارات، وبينما يعاني الأهالي من تداعيات هذه الظاهرة، يشكو الباعة من تجاهل مسؤولي الانقلاب لمطالبهم بتقنين أوضاعهم.
في مراكز مثل منوف، تلا، بركة السبع، وقويسنا، أصبحت القضبان الحديدية والمزلقانات مرتعاً للباعة الجائلين، الذين يفترشون الأرض لعرض بضائعهم، بينما يتدفق المشترون دون اعتبار للخطورة المحيطة بهم.
ويتفاقم الوضع يوم السبت من كل أسبوع، حيث يشهد سوق منوف الأسبوعي تجمعاً ضخماً للباعة من مختلف المحافظات.
حول هذه الظاهرة قال محمد سالم، أحد سكان مدينة منوف: إن “المنطقة المحيطة بمحطة السكك الحديدية أصبحت منطقة منكوبة، حيث يحتل الباعة الأرصفة والقضبان، مما يؤدي إلى تعطيل حركة المرور ويعرض حياة الناس للخطر”.
وأضاف، تقدمنا بشكاوى إلى هيئة السكك الحديدية ومجلس المدينة لإزالة الإشغالات، لكن لم يتم اتخاذ أي خطوات ملموسة.
لم تتوقف المشكلة عند وجود الباعة الجائلين، بل توسعت لتشمل تعديات أخرى مثل هدم أجزاء من سور السكك الحديدية لاستخدامها كمعابر غير قانونية، كما تنتشر المخلفات بالقرب من القضبان، ويقوم السكان بحرقها، مما يسبب تلوثاً بيئياً ويزيد من مخاطر الحرائق، كما أصبحت بعض المناطق المهجورة بجانب خطوط السكك الحديدية مأوى لمتعاطي المخدرات والخارجين عن القانون.
وأكدت انتصار زيدان، إحدى أهالي المنوفية، أن غياب التواجد الأمني أدى إلى انتشار البلطجية وحوادث السرقة بالإكراه .
وقالت: “نخشى على أبنائنا وبناتنا من خطورة هذا المكان”.
البحيرة
في محافظة البحيرة ينتشر الباعة الجائلون على طول محطات السكة الحديد وداخل القطارات.
وفي مدينة كفر الدوار يتحول محيط محطة السكة الحديد يوم الخميس من كل أسبوع إلى سوق شعبي، حيث يعمد الباعة إلى افتراش القضبان لعرض بضائعهم المتمثلة في الملابس المستعملة، الأحذية القديمة، والخردوات .
هذا المشهد يشكل خطراً داهماً على حياة المواطنين الذين يترددون على السوق لشراء حاجاتهم بأسعار زهيدة، غير مدركين أنهم يعرضون حياتهم للموت تحت عجلات القطارات.
حول هذه الكارثة قالت إيمان علي، ربة منزل وأم لثلاثة أطفال،: “أحضر إلى السوق قبل الأعياد لشراء الملابس المستعملة والأحذية القديمة لأبنائي”.
واضافت : زوجي يعمل في مجال المعمار، ودخله بالكاد يكفي الطعام، ولا نستطيع تحمل تكلفة الملابس الجديدة بسبب غلاء الأسعار .
وحول خطورة مكان السوق ومضايقات الباعة الجائلين أكدت إيمان على أنه لا حل آخر والأمر كله بيد حكومة الانقلاب التي لا تقوم بدورها وترفع الأسعار وتجعلنا لا نستطيع الحصول على احتياجاتنا الضرورية.
وقال صبري جلال، عامل بالأجرة اليومية: “السوق هو الحل الوحيد لتلبية احتياجات أطفالي، خصوصاً مع ارتفاع تكاليف الدروس الخصوصية والكتب الدراسية، في هذا البرد القارس، أشتري لهم ملابس مستعملة يرتدونها فوق بعضها لتوفير الدفء”.
لقمة العيش
في المقابل أكد البائعون أنهم مرغمون على هذا الوضع بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وقال أحد الباعة: “ليس لدينا خيار آخر، المخاطر حقيقية، لكننا نقف هنا من أجل لقمة العيش”.
وطالب حكومة الانقلاب بتخصيص مكان آمن نستطيع العمل فيه دون تعريض حياتنا وحياة الزبائن للخطر، محذرا من غلق هذه الأماكن وطرد الباعة منها لأنهم ليس لهم مصدر رزق آخر .
الإسكندرية
الإسكندرية، عروس البحر المتوسط، تواجه الكثير من التحديات الناتجة عن انتشار العشوائية، كالأسواق غير المنظمة والمواقف العشوائية، ورغم تطوير محطة سيدي جابر، وإنشاء مركز تجاري مكون من طابقين علويين وجراج متعدد الطوابق يسع 600 سيارة، إلا أن هناك تحديات كثيرة، حيث انتشرت الأسواق العشوائية حول المحطة، وتحولت بعض مداخلها، خاصة من جهة سموحة، إلى نقاط زحام بسبب انتشار الباعة الجائلين ومواقف السيارات غير المنظمة.
حول هذه الأزمة قال عاصم محمد، مهندس: إن “المحطة فقدت كثيرًا من بريقها بسبب العشوائية المحيطة بها، وأكد أن المنطقة الجنوبية، باتجاه سموحة، أصبحت مليئة بالمواقف العشوائية للسيارات والباعة الجائلين، مما أضر بجمال المنطقة، وأدى إلى زحام مستمر”.
ميدان محطة مصر
ويعاني ميدان محطة مصر من مشكلات مشابهة، الباعة الجائلون أصبحوا مشهدًا يوميًا في محيط الميدان، حيث يستغلون الأرصفة لعرض بضائعهم، ما أدى إلى تشويه المظهر العام .
وأعربت ضحى إبراهيم، معلمة، عن استيائها من حالة الميدان، مشيرة إلى أن الباعة يتعاملون وكأنهم في لعبة القط والفأر مع حملات الإزالة.
وأضافت: عندما تصل الحملة، يختبئون في الشوارع الجانبية ثم يعودون فور مغادرتها.
في منطقة المعمورة، تتكرر المشكلات ذاتها، سوق عشوائي مقام بجوار شريط السكة الحديد أغلق طريقًا يؤدي إلى مستشفى التأمين الصحي في طوسون، هذا الطريق، الذي يُعد شريانًا حيويًا للسكان، أصبح مسدودًا بفعل التعديات اليومية.
ووصف أسامة السيد، أحد العاملين في المنطقة، الوضع بالمأساوي، وقال: السوق العشوائي لا يعطل فقط حركة المرور، بل يهدد أمن وسلامة المنطقة بأسرها، نحن بحاجة إلى تدخل سريع من مسؤولي الانقلاب لوضع حد لهذه الفوضى.