تصريحات السيسي الكاذبة .. الحد الأدنى للأجور لا يطبق فى القطاع الخاص ولا فى الحكومة

- ‎فيتقارير

رغم إعلان حكومة الانقلاب عن تطبيق الحد الأدنى للأجور عند 6 آلاف جنيه اعتبارًا من مايو الماضي، إلا أن أغلب المؤسسات والشركات حتى الجهات الحكومية لا تطبق هذا الحد الأدنى.

ولا تقوم حكومة الانقلاب بدورها في إلزام جهات العمل بهذا الحد الذي لا يكفي لتلبية الاحتياجات الضرورية اليومية، وذلك إمعانًا في التضييق على المصريين وتجويعهم حتى لا يفكروا في الثورة على عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموي وعصابة العسكر.

 

العمال والموظفون ليس لهم حول ولا قوة، يطالبون بتطبيق الحد الأدنى للأجور وتنفيذ قرارات الانقلاب الصادرة في هذا الشأن، لكن لا مجيب.

ورغم ذلك، يؤكد العمال أن ساعات العمل قد تصل أحيانًا إلى تسع وعشر ساعات، بالمخالفة لقانون العمل الحالي، وأنهم لا يحصلون على أجر مقابل ساعات العمل الزائدة عن ثماني ساعات المنصوص عليها في قانون العمل.

يُشار إلى أن البند “ج” من المادة “1” من قانون العمل 12 لسنة 2003 تضمن تعريفًا دقيقًا للأجر بأنه “كل ما يحصل عليه العامل لقاء عمله ثابتًا كان أو متغيرًا، نقدًا أو عينيًا، الذي يتم على أساسه احتساب الحد الأدنى للأجور، ويشمل: العمولة – النسبة المئوية – العلاوات – المزايا العينية – المنح – البدلات – نصيب العاملين في الأرباح – الوهبة، مع الأخذ في الاعتبار ضوابط صرف تلك المشتملات.”

 

أجور متدنية

 

حول هذه الأزمة، قالت ناهد رمضان، التي تعمل في أحد النوادي التابعة لهيئة قناة السويس: بعد خمس سنوات من العمل، لم يتجاوز أجري حاجز الثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه، تتضمن الحوافز وكل شيء. موضحة أنه بعد خصم التأمينات والضرائب، لا يتجاوز الأجر حاجز ألفين وثمانمائة جنيه.

 

وانتقدت ناهد رمضان عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور، رغم تصريحات المسؤولين عن أهمية تخفيف المعاناة الاقتصادية والمعيشية على أصحاب الدخل المنخفض.

وأكدت ميادة عمر، التي تعمل على خط إنتاج في أحد مصانع الملابس كمسؤولة جودة الإنتاج، أن أجرها لا يتخطى حاجز الثلاثة آلاف ومئتي جنيه بعد أربع سنوات عمل في نفس المصنع.

وقالت ميادة في تصريحات صحفية: لا أتقاضى مقابل ساعات العمل الإضافية أغلب الوقت، ولا أحصل على ساعة الراحة، مشيرة إلى أن الإدارة غالبًا ترى أن ساعات العمل تنتهي بانتهاء المهام اليومية وليس بساعات العمل المحددة.

 

رجال الأعمال

 

قال الباحث في الشؤون العمالية والاجتماعية هشام فؤاد إن الليبرالية في مصر تعتبر العمالة الوفيرة والرخيصة، التي “تكمل عشاءها نومًا”، هي ميزتها التنافسية الوحيدة، مؤكدًا أن هذه الطبقة تؤمن بأنه يجب مص دم العامل، مستغلة احتياجه إلى وظيفة لكي يستطيع الحياة، وبالتالي تتنامى ظاهرة العمل الجبري.

 

وأوضح فؤاد، في تصريحات صحفية، أن إشكاليات “مرونة العمل”، وفقًا لمنظمة العمل الدولية، تتمثل في أن رجال الأعمال يعتبرونها رخصة لمنح العمال أجورًا ضعيفة وإجبارهم على العمل في ظروف عمل سيئة؛ بالمخالفة للمواثيق الدولية. معربًا عن أسفه لأن النظام الرأسمالي في مصر يساند هذه الطبقة بكل أجنحتها المدنية والعسكرية.

 

وأكد أن حكومة رجال الأعمال لم تجرؤ على الاقتراب من مواد الأجور في مشروع قانون العمل، فقد كتب عليها “نجيب ساويرس ورفاقه” بالبنط العريض “ممنوع الاقتراب.”

 

وكشف فؤاد أن مشروع قانون العمل الجديد يخفض العلاوة الدورية السنوية من 7% من الأجر الأساسي إلى 3% من الأجر التأميني. وليس سرًا أن المجلس المعني بالأجور لم يجتمع “بفعل فاعل” على مدار 15 عامًا إلا مرات معدودة، وعندما التأم شمله، قرر رفع الحد الأدنى إلى 6 آلاف جنيه. ولكن قراره استثنى عمال المنشآت المتناهية الصغر، التي يعمل بها عمال في ظل ظروف صعبة بدون عقود عمل. بينما تقدم أكثر من 90% من المنشآت الصناعية الخاصة بطلب إعفاء من رفع الحد الأدنى للأجور، متعللين بسوء أوضاعهم، ليتم حرمان القطاع الأوسع من العمالة المصرية من رفع رواتبهم.

 

وشدد على أن حكومة رجال الأعمال تنتهك الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالعمل اللائق، التي نطلق عليها كذلك الحقوق الاجتماعية، والتي من بينها الحد الأدنى للأجور، ساعات العمل والإجازات، السلامة والصحة المهنية، الأمن الوظيفي، الضمان الاجتماعي. موضحًا أنه لمواجهة عدم تطبيق قرار رفع الحد الأدنى، لابد من تشديد العقوبات على رجال الأعمال المتهربين، عبر تغليظ الغرامة وصولًا إلى الحبس حتى يرتدع رجال الأعمال ويعطوا للعمال حقوقهم.

وأشار فؤاد إلى أن الكادحين المسلحين بنقابات قوية، بمقدورهم تحدي أي قانون، شريطة وجود مناخ سياسي يسمح بهامش من الحركة. وحتى تأتي هذه اللحظة، ستواصل طبقة “هنجيب منين” نضالها ضد الجوع، والفصل، والاستبداد، متحملة كافة صنوف الاضطهاد، لكن المؤكد أن اللحظة آتية.

 

قرارات سيادية

 

وأكد الباحث في القضايا العمالية، حسن البربري، أن الوضع بالنسبة للقطاع الخاص يتزايد سوءًا منذ 2020، حيث جائحة كورونا وبدء اشتداد الأزمة الاقتصادية وتأثير ذلك سلبًا على الشركات التي تعرضت لخسائر، ما جعل حجم العمالة الموجودة في السوق أعلى من المطلوب. لافتًا إلى أن اختيارات رجال الأعمال أو أصحاب العمل قائمة على شروطهم الخاصة التي لا تتعلق بأي قوانين أو مواثيق وعهود دولية.

 

وقال البربري في تصريحات صحفية: جميع القرارات الخاصة بالحد الأدنى للأجور تأتي بقرارات سيادية، لا يسبقها حوار مجتمعي أو آلية لتحديد الحد الأدنى للأجور أو مراجعته، ولا يقوم المجلس الأعلى للأجور بدوره في هذا المحور رغم أنه أهم أدواره، إلى جانب عدم وجود إلزامية في تطبيق الحد الأدنى للأجور.

 

وأشار إلى أن هناك الكثير من الشركات التي تقدمت إلى المجلس الأعلى للأجور عن طريق وسطاء مثل اتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات للاستثناء من تطبيق الحد الأدنى للأجور، رغم أن هناك تلاعبًا فيما يخص الحد الأدنى الخاص بالأجر الشامل وليس الأساسي، ما سهّل تلاعب البعض بقيمة الحد الأدنى، وآخرون قدموا استثناء بأنه لا يستطيع التطبيق. والأمر أصبح متروكًا للجنة مختصة بالمجلس الأعلى للأجور دون وجود شفافية.

 

معايير العمل

 

انتقدت الباحثة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، منى عزت، تصريحات بعض رجال الأعمال المطالبة بزيادة ساعات العمل والادعاء بأن تأثير ذلك إيجابي على حجم الإنتاج، موضحة أن المعايير الدولية المرتبطة بالسلامة والصحة والاتجاهات الحديثة لدول العالم توضح أن جسم الإنسان يحتاج إلى راحة بدنية ونفسية، لأن جزءًا من قدراته يعتمد على العمل بتركيز أثناء ساعات العمل.

 

وقالت منى عزت في تصريحات صحفية: اتفاقية 190 لمنظمة العمل الدولية تتحدث عن تأثير العنف داخل الأسرة على أوضاع العمال والعاملات داخل أماكن العمل وأهمية انتباه أماكن العمل إلى ذلك، ومدى مسؤوليتهم تجاه العامل والعاملة لما له من تأثير على العلاقات داخل أماكن العمل وعلى الإنتاج.

 

وأوضحت أن معايير العمل الدولية تخطت ساعات العمل ووصلت إلى سلامة العامل صحيًا ونفسيًا والبيئة المحيطة به، فضلًا عن أن هناك توجهًا في بعض الدول إلى تخفيض ساعات العمل لتحسين الحالة الصحية والنفسية للعاملين والعاملات، مما يحسن من جودة الإنتاج.

 

وأشارت منى عزت إلى أن هناك ثلاث أطراف مسؤولة عن علاقات العمل وفقًا للمعايير الدولية، هم: الحكومة، وأصحاب الأعمال، والنقابات. هؤلاء يقفون على مسطرة واحدة في حقهم للدفاع عن مصالح العمال وعن علاقات العمل وما تتضمنه من حقوق وواجبات داخل أماكن العمل، مطالبة بإجراء حوار مجتمعي بين هؤلاء للاتفاق على تطبيق معايير العمل الدولية والاتفاقيات المنصوص عليها.

وأضافت: دور حكومة الانقلاب هو ضمان توازن العلاقة وعدم استقواء طرف على الآخر، وأن تكون الطرف الضامن لعلاقات عمل كفء متوازنة، لا يوجد فيها طرف يضغط على طرف آخر، سواء من خلال التنظيم أو التشريع.

 

 
4o