اختراق كامل للقطاعات الحيوية .. السيسي يسلّم مفاتيح مصر للصهاينة: لماذا يصمت الجيش؟

- ‎فيتقارير

في الوقت الذي يشتد فيه العدوان الإسرائيلي على غزة، ويشتعل الغضب الشعبي في شوارع العالم العربي والغربي، تتصاعد في مصر مؤشرات خطيرة عن تغلغل غير مسبوق للإسرائيليين داخل مفاصل الاقتصاد المصري، في قطاعات يُفترض أنها تمس الأمن القومي بشكل مباشر، مثل الطاقة، الصناعة، الاتصالات، الأمن السيبراني، وحتى الغذاء.

هذا التمدد الخفي، الذي جرى ويجري تحت أنظار نظام المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، لا يمكن قراءته بمعزل عن تحولات سياسية خطيرة تمهد لتسليم البلاد فعليًا لقوى خارجية، وعلى رأسها إسرائيل، في الوقت الذي يواصل فيه النظام ترديد شعارات السيادة الوطنية و"حماية الأمن القومي" التي استخدمها مبررًا لانقلابه العسكري على الرئيس الشهيد محمد مرسي في 2013، بحجة أن الأخير كان يسعى لبيع سيناء لحماس وقناة السويس لقطر.

لكن من الذي يسلم الدولة فعليًا اليوم؟

اختراق كامل للقطاعات الحيوية: من الغاز إلى الأمن السيبراني

وفقًا لتقارير حديثة، لم تعد العلاقة الاقتصادية بين مصر والاحتلال الإسرائيلي مجرد تبادل تجاري محدود، بل تطوّرت إلى شبكة متشعبة من التحالفات، تشمل أكثر من 40 شركة أجنبية تعمل بشراكات مباشرة أو غير مباشرة مع كيانات إسرائيلية، في قطاعات تمثل عصب الاقتصاد المصري.

•          قطاع الطاقة: شركة "نيوميد إنيرجي" الإسرائيلية باتت تمتلك أصولًا داخل مصر وتعمل في تصدير الغاز عبر البحر المتوسط. شركة "إنيرجيان" تشارك كذلك في عمليات إنتاج الغاز المصري. الصفقات تُبرم بعيدًا عن الرقابة الشعبية، وتُنفذ تحت غطاء من السرية رغم تداعياتها على الأمن القومي.

•          قطاع الأمن السيبراني: تقنيات من شركات مثل NSO Group وCognyte الإسرائيلية، دخلت إلى السوق المصري عبر شراكات دولية، ووُظفت في قطاعات حكومية ومصرفية، بحسب تقارير موثقة من Citizen Lab ومركز "هآرتس" العبري. اختراق يُهدد البنية المعلوماتية السيادية للدولة.

•          النسيج والغذاء: أكثر من 313 شركة مصرية تصدّر لإسرائيل، بينها "قطونيل" و"مصر للرخام والجرانيت". وفقًا لتقارير وزارة التجارة، تشمل الصادرات الملابس، الأدوات الكهربائية، السيراميك، وحتى المواد الغذائية. هذه الشركات تستفيد من اتفاقية QIZ التي تربط التصدير الأمريكي بوجود مكون إسرائيلي.

•          الزراعة والري: شركات مثل Netafim وAmiran تُزوّد مزارع مصرية في الدلتا والصعيد بأنظمة ريّ إسرائيلية عبر وكلاء مصريين، ما يجعل الأمن الغذائي نفسه تحت رحمة تكنولوجيا من عدو معلن.

•          الخدمات اللوجستية والسياحة: شركات إسرائيلية مثل ZIM تعمل في موانئ قناة السويس، فيما تُسيّر شركة "العال" الإسرائيلية رحلات مباشرة إلى شرم الشيخ. السياحة تتحوّل من قطاع سيادي إلى بوابة تطبيع اقتصادي معلن.

السيسي.. تسليم ببطاقة صفراء

التحالفات الاقتصادية التي يعقدها نظام السيسي مع الاحتلال الإسرائيلي تُعيد فتح باب التساؤل حول دوافع المؤسسة العسكرية التي ادعت قبل أكثر من عقد أن تدخلها كان لحماية سيناء من "البيع"، واليوم تلتزم صمتًا غريبًا أمام تسليم قناة السويس ومصادر الغاز والبنية التحتية لشركات إسرائيلية.

هل تم تحييد الجيش؟ أم أن دوره في المعادلة تغيّر؟

إن صمت المؤسسة العسكرية أمام هذا التمدد الإسرائيلي يطرح احتمالين لا ثالث لهما: إما أنها شريك في هذه التحالفات وتحصل على حصتها من العوائد، أو أنها لم تعد تملك القرار الاستراتيجي بعد أن جرى تقليص نفوذها لحساب شبكة مصالح اقتصادية دولية تُدار من تل أبيب مرورًا بقبرص واليونان، وصولًا إلى الخليج وأوروبا.

 

الرأي العام غاضب.. والنظام يفتح الأبواب أكثر

استطلاعات حديثة من مركز "ابن خلدون" أكدت أن 70% من المصريين يدعمون مقاطعة الشركات المرتبطة بالاحتلال، ومع ذلك، لا تبدو السلطات في القاهرة مهتمة بهذا المزاج الشعبي، بل تُسهّل لشركات مثل "كوكاكولا" و"ماكدونالدز" و"بيبسيكو" التمدد في السوق رغم تورطها غير المباشر في دعم الكيان الإسرائيلي، وفقًا لتقارير منظمات مدنية مستقلة.

وفي المقابل، يتعرض دعاة المقاطعة للملاحقة أو التضييق، ويُتهمون بـ"الإضرار بالاقتصاد"، في مفارقة تكشف كيف تحوّلت الحكومة من حامية للمصالح الوطنية إلى حامية لمصالح الشركات العابرة للحدود.

خاتمة: إلى أين تتجه مصر؟ ولماذا لا يتدخل الجيش؟

المعطيات على الأرض واضحة: مصر تشهد تسليمًا تدريجيًا لقطاعاتها الحيوية لصالح شركات إسرائيلية أو حليفة لإسرائيل، وسط صمت رسمي وتجاهل شعبي متزايد، وبينما يدفع المصريون ثمن هذا التوغل من وظائفهم ولقمة عيشهم، تواصل السلطات بيع الوهم باسم "التنمية والشراكة الدولية".

ويبقى السؤال الأخطر معلقًا:

إذا كان مرسي خُلع لأنه "كان سيسلم سيناء لحماس"، فبماذا نُسمي ما يحدث اليوم؟

وأين الجيش الذي أقسم أن يحمي الأرض والعِرض؟