6 دلالات حول تصدر حماس استطلاعات الرأي في الضفة وغزة

- ‎فيعربي ودولي

نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسْحية، ومقره رام الله، على عينة عددها 1270 شخصًا في 127 موقعًا بالضفة وغزة خلال الفترة من 12- 16 من ديسمبر الجاري؛ أظهرت تراجع مكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في نظر الشارع الفلسطيني، مقابل تفوق حركة حماس في عدد من المؤشرات.

وأيّد 64 بالمئة من الفلسطينيين استقالة عباس من منصبه، كما عبّر 65 بالمئة عن عدم رضاهم على أدائه، وفي حال أُجريت انتخابات رئاسية سيحصل عباس على 42 بالمئة، مقابل 49 بالمئة لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية. كما يرى 53 بالمئة من الشارع الفلسطيني أن “السلطة باتت تشكل عبئا عليهم”، في حين يعتقد 80 بالمئة من الفلسطينيين بـ”وجود فساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية”. وطالب 77 بالمئة من المستطلعة آراؤهم السلطة برفع الإجراءات المتخذة ضد غزة، في حين أيد بقاءها نحو 18 بالمئة.

انتصار حماس

وفيما يتعلق بالأوضاع في غزة، أظهر الاستطلاع أن 62 بالمئة يرون أن نتائج المواجهة الأخيرة بين المقاومة والاحتلال هي بمثابة انتصار لحركة حماس، في حين يعتقد 31 بالمئة أن الانتصار كان لصالح الاحتلال، كما عارض 66 بالمئة موقف السلطة خلال هذه المواجهة مقابل تأييد 25 بالمئة.

وتقاربت النتائج بين حركتي حماس وفتح في حال أجريت انتخابات برلمانية بحصول كل منهما على 34 بالمئة لحماس، و35 بالمئة لفتح، في حين كانت النسبة قبل ثلاثة أشهر 27 بالمئة لحماس مقابل 36 لفتح. ورفض 61 بالمئة من المستطلعة آراؤهم موقف عباس بمطالبة حماس بتسليم القطاع بشكل كامل، في حين أيد موقفه 34 بالمئة.

وتحمل هذه النتائج عدة دلالات:

أولا: تؤكد تراجع مكانة السلطة الفلسطينية فلم تعد كما كانت عليه في السابق، في المقابل تصدرت حماس المشهد الفلسطيني كقوة سياسية وعسكرية تقارع دولة الاحتلال في الميدان والسياسة ووسائل الإعلام، على عكس السلطة التي بات يراها الشارع قوة للقمع والتفريط بالحقوق السياسية”.

ثانيا: استطاعت حماس أن تسجل صورة انتصار واضحة في جولة التصعيد الإسرائيلي الأخير في الضفة وغزة، وهذا ما حرك المشاعر بالنسبة للفلسطينيين في تأييدها، على عكس حركة فتح التي انسحبت بهدوء من هذا المشهد، واكتفت بالتصريحات الصحفية والتنديد بهذا العدوان.

قانون الضمان

ثالثا: فقدت السلطة الفلسطينية الكثير من الأوراق التي تمتلكها في هذا العام، فمن جهة لم تعد تحظى بتأييد الشارع في غزة بسبب العقوبات التي تفرضها على الموظفين، فيما تصاعدت حدة الانتقادات الموجهة لها بالضفة الغربية بسبب قانون الضمان، وعلى المستوى السياسي لم تجد حتى هذه اللحظة بديلا ليحل محل الولايات المتحدة الأمريكية كراعٍ لعملية السلام”. بينما استطاعت حماس أن تبقى في نظر الشارع كتنظيم سياسي بإمكانه تحدي دولة الاحتلال بنسبة أعلى من حركة فتح.

رابعا: أسهمت استقالة وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بعد يومين على انتهاء جولة التصعيد ضد غزة، ونجاح حماس في إدخال الأموال القطرية لقطاع غزة رغم معارضة السلطة وأوساط إسرائيلية كثيرة، في ارتفاع نسبة التأييد لحماس وتصدرها لهذه المؤشرات.

خامسا: تتزامن هذه المؤشرات والتفوق لحركة حماس مع انتصارات سياسية على المستوى الدولي، حيث رفضت الجمعية العامة للأمم المتحدة إدانة صواريخ المقاومة باعتبارها حقا مشروعا لكل الشعوب المحتلة، ما مثل ضربة للصهاينة والأمريكان وعرب إسرائيل.

استضافة موسكو

سادسا: يتزامن ذلك أيضا مع رفض روسيا اعتراضات حكومة الاحتلال باستضافة موسكو لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وردت وزارة الخارجية الروسية على الاحتجاج الإسرائيلي- بحسب القناة العاشرة- بالقول: “أنتم أنفسكم تتحدثون مع حماس”؛ وتقصد بذلك التخفيف من إجراءات الحصار والهدنة المعلنة.

كما كانت روسيا من الدول التي صوتت ضد مشروع القرار الأمريكي بإدانة حركة حماس في الأمم المتحدة. وبذلك فإن حركة “حماس” تكرست كواقع سياسي وقانوني لم يعد بالإمكان تجاوزها واقعيا وقانونيا؛ خصوصا وأن استضافة موسكو لقيادات من حركة “حماس” ليس الأول من نوعه؛ غير أنه الأول في مستوى تمثيله ودلالاته باستضافة قيادي كبير ورمز من الرموز السياسية للمقاومة بالتزامن مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، عاكسًا بذلك رغبة موسكو في كسر الاحتكار الأمريكي لملف القضية الفلسطينية.

كما أن زيارة هنية إلى موسكو تعتبر اختراقًا مهمًا وعميقًا سواء لموسكو أو لحركة “حماس” والمقاومة الفلسطينية، وتكريسًا لحضورها كأمر واقع لا يمكن تجاهله أو التقليل من أهميته، فهي فاعل سياسي حقيقي؛ أسهم في تشكيله أداؤها السياسي والعسكري المقاوم، وأسهمت فيه أيضا البيئة الإقليمية والدولية المتغيرة.