العلمانيون وخدم الأجندات السعودية والإماراتية.. لماذا يريدون تشويه قيس سعيد؟

- ‎فيتقارير

وُصف الرئيس التونسي الجديد المنتخب “قيس سعيد” بكونه مرشح النخبة المتعلمة المتمثلة خاصّة في الشباب، الذين توافدوا على مراكز الاقتراع لاختياره، وكانوا النسبة الأعلى بين ناخبيه. ركّز حملته بين المقاهي والأحياء الشعبية الفقيرة، وجاب أغلب مناطق البلاد مستقلا سيارته الصغيرة التي تقاسم سعر بنزينها ومصاريف التنقل مع أنصاره.

وشن العلمانيون وخدم الأجندات السعودية والإماراتية من الإعلاميين والسياسيين داخل وخارج تونس، حربا شعواء ضد الرئيس منذ ترشحه ونجاحه في الجولة الأولى، ويرتكز الهجوم بسبب موقفه الرافض لمبدأ المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، محتكمة للنص القرآني.

مكامن الغموض

كما ينتقد آخرون موقفه القاضي بحل البرلمان لصالح المجالس المحلية، ونيته إلغاء الانتخابات التشريعيّة وطرح مشاريع جديدة لتعديل الدستور عبر الاستفتاء الشعبي إن هو بلغ سدة الرئاسة.

واستطاع الرئيس “سعيد” أن يستقطب الشباب المثقفين الذين صوّتوا له بقوة، بخطاب بسيط يحاكي الواقع والمعاناة اليومية للناس، رغم أنه لم يكن يملك آلة إعلامية أو سياسية أفضل من مرشحين وُصفوا أنهم من الوزن الثقيل، غلبت على خطاباتهم المقولات الفكرية أو الأيديولوجية.

عرف الرئيس “سعيّد” بفصاحته وطلاقته وصوته الجهوري عندما يتحدث باللغة العربية وهو يقدم القراءات ويوضح مكامن الغموض من الجانب القانوني، خلال مداخلاته الإعلامية منذ سقوط الراحل زين العابدين بن علي، التي اعتُمد فيها كخبير في القانون الدستوري.

وفاز قيس سعيد بجولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية التونسية، بعدما أكدت استطلاعات للرأي أجرتها مؤسسة “أمرود” بحصوله على نسبة 72.5% من إجمالي الأصوات، مقابل 27.5% لمنافسه نبيل القروي.

واجه قيس سعيد اتهامات كثيرة تصفه بأنه مرشح حركة “النهضة” التي تنتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين المتخفي، حتى إن نبيل القروي وجّه إليه الاتهام نفسه خلال المناظرة التي جمعتهما يوم الجمعة الماضية.

وأثارت عدة شواهد بعض الشكوك في الأوساط السياسية حول كون قيس سعيد يتشارك بعض الأفكار مع جماعة الإخوان، مثل عداوته للكيان الصهيوني واعتباره القضية الفلسطينية قضية كل عربي، بالإضافة إلى مقته وكرهه للانقلاب العسكري وتشديده على أن الجيش مكانه الثكنات والحدود، وكان من بينها بعض الآراء التي صرح بها قيس سعيد وبدا منها أنه لديه توجهات محافظة وربما سلفية، مثل رفضه قانون المساواة في الميراث، ويرى أن النص القرآني واضح، وأن القانون يخالفه، كذلك حديثه بشأن الشريعة الإسلامية والاعتماد عليها كمصدر للتشريع.

علاقته مع الإخوان

وعقب فوز قيس سعيد بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، أعلن حزب النهضة تأييده له في مرحلة الإعادة بعد خروج مرشحيه من السباق، ومن جهة أخرى، واصل الهجوم على القروي واتهامه بأنه جزء من النظام البائد.

في المقابل شدد قيس سعيد على أنه كان مستقلا وسيظل مستقلا، ورفض أن يحسب على أي تيار فكري أو سياسي أو أيديولوجي، كالليبرالية أو العلمانية أو السلفية وغيرها.

ورد على الاتهامات المتعلقة بعلاقته مع الإخوان، قال الرئيس التونسي: “القضية قضية مشروع وطني من أراد دعمه فمرحبًا به.. العالم دخل مرحلة جديدة، شعار الشعب يريد تم ترديده في أكبر العواصم.. إن كان هناك حزب فهو حزب الشعب التونسي الذي لا يملك تأشيرة من وزارة الداخلية”.

 

وقال أيضا إنه لا يوجد في ظهره سوى الشباب، الذين يسعى لإيصالهم إلى السلطة من أجل مستقبل البلاد، كما رفض في حديث تلفزيوني مصطلحي الدولة المدنية والدولة الدينية، حيث إن الدولة هي دولة، والبديهي أن تكون مدنية، وليس دينية أو عسكرية.

وفي موقف متقدم على حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي فيما يتعلق بقانون “المساواة في الميراث” قال سعيد: إن الأمر بالنسبة له “محسوم بالنص القرآني”، وذلك خلافا لموقف الرئيس الراحل السبسي، الذي كان أبرز المؤيدين لإقرار القانون المثير للجدل في بلد أغلبيته الساحقة من المسلمين.

أما فيما يتعلق بسياسته الخارجية، فيرى أستاذ القانون الدستوري أنها ترتكز على امتداد تونس في محيطها الطبيعي مع الدول العربية وأوروبا؛ أي دول شمال البحر المتوسط، مشيرا إلى ضرورة بناء علاقات جديدة قائمة على “الاحترام المتبادل والتعايش بين الشعوب”.

وحول إتقانه اللغة العربية الفصحى، قال إن بينه وبينها “قصة عشق طويلة، بدأت منذ السنوات الدراسية الابتدائية، رغم أنه درس باللغة الفرنسية ويدرس بها في الجامعة”، مشيرا إلى أنه “يعتز كثيراً بلغة الضاد؛ فلها سحر ووقع في الأذن لا تجده في اللغات الأخرى”.

تجدر الإشارة إلى أن قيس سعيد لم يدشن حملة انتخابية، ولم يكن لديه مقر انتخابي، ورفض دعم الدولة الذي تمنحه للناخبين، معتمدا على جولاته الميدانية وحديثه مع المواطنين.