بسبب نقص الأسمدة وتجاهل الحكومة.. الفلاحون يصرخون: ليس أمامنا إلا السجن أو تبوير الأراضي 

- ‎فيتقارير

يبدو أن أزمة ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة ستمر بمنعطف أشد ألمًا للمصريين، خلال الفترة القادمة، بعد أن كشف الموسم الحالي عن أزمة معاناة الفلاحين من نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها، خاصة الحصص المقررة في الجمعيات الزراعية، وهو ما يهدد بضياع المحاصيل وتعرضها للتلف، ويدفع المزارع لخيارين أحلاهما مر: الأول الذهاب إلى السوق السوداء التي تجاوز سعر الشيكارة الواحدة فيها 300 جنيه، أو تبوير الأرض وهي الكارثة التي تهدد مستقبل الزراعة المصرية، وتدمر حياة المزارعين.

وكشف عشرات المزارعين والفلاحين، عن أن معاناتهم خلال السنوات الثلاث الماضية أصبحت كابوسًا يهدد بيوتهم، بعد استنزاف مواردهم وتكبدهم خسائر كبيرة في ظل ظروف صعبة، لدرجة أن العديد منهم باتوا معرضين للسجن بسبب الديون المتراكمة عليهم للبنك، في الوقت الذي يتجاهل نظام الانقلاب أزمة الفلاحين، دون اكتراث بمستقبل مائة مليون مواطن يعانون من نقص حاد في الطعام والشراب.

مسكنات وهمية

ويحاول نظام الانقلاب خديعة الفلاحين بقرب حل الأزمة من خلال مسكنات وهمية، عبر ما كشفه مسئولو الزراعة والتعاونيات من اقتراب الانتهاء من منظومة كارت الفلاح، التي تزعم انتهاء الأزمة وتضمن وصول الأسمدة المدعمة للفلاح، وصرف الحصص المقررة وهى متوافرة بالجمعيات الزراعية.

ونقلت صحيفة “الأهرام” الحكومية، عن فيصل فاضل أبو عميرة، «مزارع» بمركز أولاد سلامة بسوهاج، أن مشكلة نقص الأسمدة مستمرة وتتكرر كل عام، ما جعل المزارع يذهب للشراء من السوق السوداء التي يزيد سعر شيكارة السماد بها على أكثر من 250 جنيهًا، علمًا أن الفدان الواحد يحتاج نحو 6 عبوات بحوالي 1500 جنيه في الموسم، بخلاف البذور والمبيدات وتكاليف الري والحرث والحصاد، الذى يصل إلى 8 آلاف جنيه في العام.

وقال أبو عميرة: “باختصار أصبحت الزراعة الآن تجارة خاسرة بالنسبة للفلاح، وكميات الأسمدة التي تصل الجمعيات الزراعية لا تتعدى 50% من الحصص المقررة للحيازات الزراعية.

الجمعيات الزراعية

فيما أكد أحمد حسين القاضي، «مزارع»، أن جزءا كبيرا من أزمة الأسمدة يتمثل فى توزيع الجمعيات الزراعية فى القرى، موضحا أن توزيع الأسمدة على ملاك الأراضى الحائزين وليس للمزارعين الفعليين «المستأجرين»، حيث يقوم الملاك ببيعها فى السوق السوداء، وبالتالي فإن جزءًا من حل المشكلة يتمثل فى صرف الأسمدة للمزارعين الحقيقيين «المستأجرين» من خلال  الحصر الفعلي على الطبيعة للزراعات.

وفى بني سويف وجّه محمود يونس، «مزارع»، صرخة لمسئولي الانقلاب من ضياع مستقبلهم، مؤكدا معاناة الفلاح فى مختلف الزراعات التى يزرعها، موضحًا أن “فدان الذرة يحتاج 4 أجولة سماد، ولا تقوم الجمعيات الزراعية إلا بصرف 2 جوال لكل فلاح، ونضطر لشراء الاثنين الآخرين من السوق السوداء بإجمالي 1200 جنيه (بسعر 600 جنيه للجوال)، بالإضافة إلى 700 جنيه سعر جوالى سماد الجمعية (بسعر 350 جنيها للجوال) فيصبح بند الأسمدة فقط 1900 جنيه، بالإضافة إلى حوالى عشرة آلاف جنيه ثمن إيجار فدان الأرض ومتطلبات الزراعة والحرث، فيصبح الإجمالي حوالى 11900 جنيه، مما يزيد من ديونه وفقره.

ضبط الأسعار

وفي الدقهلية، تشتد أزمة الأسمدة في أسعارها بالسوق السوداء، التي يضطر الفلاح إلى التعامل معها لتلبية احتياجاته.

وقال نسيم البلاسي، نقيب الفلاحين بالمحافظة: إن شيكارة السماد فى الجمعية الزراعية سعرها 180 جنيها، لكنها فى السوق السوداء وصلت إلى 300 جنيه، وهو ما يرهق الفلاح ولا يشعره بدعم الدولة له، خاصة مع دخول موسم زراعة القمح الشهر القادم، مضيفا أن الأسمدة تتسرب إلى السوق السوداء.

وفي كفر الشيخ، طالب علي رجب نصار، نقيب الفلاحين بالمحافظة، بضرورة زيادة الكميات المنصرفة من الأسمدة لكل فدان لوقف معاناة المزارعين، مشيرا إلى أن تقارير البحوث الزراعية الخاصة بفحص التربة بالمحافظة قديمة، ولم يتم تحليلها هذا العام حتى تصرف الحكومة هذه الكمية غير المناسبة من الأسمدة للفدان الواحد، مما أدى إلى رواج تجارة الأسمدة فى السوق السوداء.

السوق السوداء

وفي أسيوط يقول أشرف سعيد، «فلاح»: “رغم بدء الموسم الشتوي وقيامنا بتخضير الأرض.. لم نتسلم من الجمعية سوى جزء صغير من حصتنا”.

وفى الإسماعيلية أكد محمد إبراهيم، «مزارع»، أن السوق السوداء ستظل موجودة ما دامت هناك فروق فى أسعار الشيكارة الواحدة بين سعر الجمعية وسعر السوق الخارجية، والتي تصل فى بعض الأحيان إلى 100 جنيه، ويوضح أن شيكارة السماد فى الجمعية تباع بمبلغ 160 جنيهًا، بينما في الخارج تباع بمبلغ يصل إلى 300 جنيه.