«أنتم نور عنينا؟».. الخدعة التي نسيها سعد الحريري ولم يطلبها من السيسي

- ‎فيتقارير

هل المصريون شعب “طيب أوي” بالمعني السلبي للكلمة، أي يغلب على طبعه العفو في غير محله والسذاجة مكان الفطنة، للدرجة التي من دون شعوب المنطقة يتم خداعه من جنرالات العسكر أكثر من مرة؟ وهل تؤثر فيه “النحنحة” و”السهوكة” للدرجة التي يترك فيها عميلًا صهيونيا يتسلل ويتسلق منصة الحكم ويقتل الرئيس المدني الوحيد المنتخب للبلاد بعدما انقلب عليه في 2013؟ ولماذا يتفوق الجزائريون والسودانيون واللبنانيون على المصريين في فهم ألاعيب العسكر؟.

وبالحديث عن اللبنانيين، فقد عادت العديد من الطرق الرئيسية والفرعية بلبنان إلى حالة الشلل والقطع الكلي والجزئي من قبل المتظاهرين، اليوم الثلاثاء، مع استمرار التظاهرات والاعتصامات في العديد من المدن اللبنانية.

وبعدما كسر المصريين حاجز الخوف الذي فرضه جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، عقب الانقلاب العسكري على الرئيس الشهيد محمد مرسي صيف 2013، وشهدت شوارع القاهرة ومحافظات أخرى مظاهرات غير مسبوقة تطالب برحيل السفيه عن الحكم، انطفأ كل شيء وكأنه لم يكن!.

لبنان شعب محصن!

وتتلخص مسيرة السفيه السيسي مع المصريين في عدة حقن، ما بين تخدير وخداع استراتيجي، بدأها بقوله في 2013: أنتم نور عنينا، ثم في 2014: عايزكم تصبروا معايا سنتين بس، ثم في 2015: مصر مش دولة.. مصر شبه دولة، ثم في 2016: لازم تستحملوا، ثم في 2017: أنتم فقراء أوي، ثم في 2018: احذروني أنتم ما تعرفونيش أنا مش بتاع سياسة، ثم ختمها في 2019 بسؤال تعجيزي: حد يقولي أعمل إيه؟.

وفي أجواء شبيهة بثورة 25 يناير 2011، تظاهر الآلاف من المصريين بميدان التحرير وسط العاصمة القاهرة، في 20 سبتمبر الماضي، إلى جانب مظاهرات مماثلة في محافظات الإسكندرية والغربية والسويس والدقهلية والشرقية ودمياط ومطروح وبني سويف.

وكانت تلك المظاهرات “النادرة” استجابة لدعوة الفنان والمقاول محمد علي، الذي كشف عن ملفات فسادٍ وتبديدٍ للمال العام خاصة برئيس عصابة صبيان تل أبيب، والسيدة حرمه، وكبار قادة عصابة الانقلاب العسكري، ثم عاد كل شيء إلى السكون بعدها.

وعلى نقيض الحالة المصرية المرتبكة، يعيش المتظاهرون وقوى الأمن الداخلي والجيش في لبنان حالة من الكر والفر، في مسعى من القوى الأمنية والجيش اللبناني لفتح الطرق التي يعاد إغلاقها من قبل المحتجين، المطالبين بتغييرات جذرية في بنية وسياسة وشخوص الحكم بالبلاد.

وكان عدد من المحتجين قد قطعوا طريق “راشيا” بالإطارات والحجارة عند مفرق بلدة العقبة، وعند مثلث “ضهر الأحمر والرفيد”، كما أغلق المحتجون طريق “البيرة”، ومنع المتظاهرون حافلات المدارس من الوصول إلى مدارسهم، فيما سلك بعض السائقين طرقات فرعية لنقل الطلاب.

وفي وقت أغلقت فيه بعض المدارس الخاصة أبوابها نتيجة قطع الطرقات وانتظار أخرى وضع الطرق، فتحت غالبية المدارس والثانويات الرسمية صفوفها وسط غياب لافت للتلاميذ.

ورغم تجمع عدد من المعتصمين أمام المصارف، استأنفت المصارف أعمالها في وقت توجّه فيه موظفو الدوائر الحكومية إلى أعمالهم، وفتحت معظم المحلات التجارية واجهاتها، بينما لا تزال حركة السير خجولة.

بأمر الشعب

وأفادت مصادر الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان، بأن محتجين وطلاب مدارس أقفلوا مصرفا في المتن الأعلى ومنعوا المواطنين من الدخول إليه، ثم توجهوا إلى “حمانا” حيث أقفلوا مصرفين آخرين وتوجهوا إلى الإدارات العامة لإقفالهما.

وعمد عدد من المحتجين إلى إقفال المؤسسات العامة والدوائر الرسمية والمصارف في طرابلس، وتجمهروا أمام شركة قاديشا في الميناء، ورددوا هتافات تطالب بمحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة، كما طلبوا من الموظفين مغادرة مكاتبهم، ومنعوا موظفين آخرين من الدخول إلى مراكز عملهم، مؤكدين أنهم سيستمرون بإقفال المؤسسات حتى تحقيق مطالبهم.

وفي السياق أيضا تجمع عدد من المتظاهرين أمام جامعة الروح القدس في الكسليك، وأغلقوا مدخلها مانعين الطلاّب من الدخول إليها، في الوقت الذي نفذ فيه عدد من الطلاب اعتصاما أمام جامعة الـAUST  في الأشرفية ببيروت وحاولوا إقفال الجامعة.

ولعل ما يجري في لبنان يلقي بظلاله الثورية على مصر، بعدما بات محمد علي ظاهرة في أوساط الشعب المصري بحديثه عن فساد السفيه السيسي وزوجته، وحجم الإهدار العام على منشآت لا تعود بأي نفع على المصريين، فضلاً عن الفساد المستشري في المؤسسة العسكرية، التي وصفها بالاستيلاء على المشاريع العامة بـ”الأمر المباشر”.

وقاد السفيه السيسي انقلابا ضد الرئيس الشهيد محمد مرسي، صيف 2013، ثم استولى على رئاسة الجمهورية بعد أقل من عام، وشهدت البلاد في عهده ارتفاعا كبيرا في حالات الاعتقال والاختفاء القسري والتصفية الجسدية وأحكام الإعدام، إضافة إلى تفجيرات تركزت في شبه جزيرة سيناء وبعض المدن، فضلا عن كبت الحريات وتراجع مؤشر الديمقراطية، بحسب منظمات حقوقية دولية.