“فورين بوليسي”: دعم بايدن للعنف الإسرائيلي في مجلس الأمن أضر مصداقية واشنطن

- ‎فيعربي ودولي
A Palestinian protester throws a stone during clashes with Israeli security forces at the Hawara checkpoint south of Nablus city, in the occupied West Bank, on May 17, 2021. (Photo by JAAFAR ASHTIYEH / AFP) (Photo by JAAFAR ASHTIYEH/AFP via Getty Images)

وسط دوره المؤيد بشدة لجريمة العدوان الصهيوني على غزة ودعمه نتياهو في قتل الفلسطينيين؛ نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا سلطت خلاله الضوء على تحركات الرئيس الأمريكي جو بايدن لوقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والصهاينة. 

وقال التقرير، الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" إنه في 12 مايو، وبينما كانت إسرائيل وحماس تتبادلان إطلاق الصواريخ والغارات الجوية، شاركت ليندا توماس جرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، في جلسة للأمم المتحدة تهدف إلى حشد الإدانة الدولية للصين لسوء معاملتها للمسلمين الإيجور، بهدف التأكيد على التزام الولايات المتحدة بحقوق الإنسان والتعددية.

لكن هذا الحدث، الذي استضافته الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، طغت عليه إلى حد كبير الأزمة في غزة والقدس الشرقية؛ حيث كانت الولايات المتحدة تعرقل بمفردها محاولة النرويج وتونس وحتى الصين لتمرير بيان لمجلس الأمن الدولي ينتقد إسرائيل، كما أثار شكوكا لدى بعض الدبلوماسيين حول عمق التزام الولايات المتحدة بالتعاون الدولي والأمم المتحدة.

وقال دبلوماسي في المجلس طلب عدم الكشف عن هويته "لقد تعهدوا بالعودة ودعم نظام الأمم المتحدة والتعددية". وأضاف "لا نرى ذلك يحدث الآن في مجلس الأمن".

واشنطن في موقف دفاعي

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن الحرب في غزة، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 200 مدني، معظمهم من الفلسطينيين، ومزقت نسيج المجتمع الإسرائيلي، قلبت النص الأمريكي، وقد وضع هذا الاتفاق واشنطن في موقف دفاعي بشأن التزامها بحقوق الإنسان، وأتاح للصين فرصة لعرض أوراق اعتمادها متعددة الأطراف، منحازة إلى حلفاء الولايات المتحدة التقليديين والأمم المتحدة، التي تسعى إلى دور لمجلس الأمن في الترويج العلني لوقف إطلاق النار.

وفي مواجهة الضغوط السياسية الدولية والمحلية المتزايدة، أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الاثنين للمرة الأولى عن دعمه لوقف إطلاق النار في محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد أسبوع كامل من الأزمة. ولكن في اليوم نفسه، منعت الولايات المتحدة محاولة أخرى من نظرائها في مجلس الأمن لاعتماد بيان يحث الأطراف المتحاربة على الالتزام بوقف إطلاق النار.

وقال دبلوماسي ثان في المجلس طلب عدم الكشف عن هويته: "هذا بصراحة، في رأيي، يضر كثيرا بالموقف الأمريكي.. أعتقد أنه سوف يزيد التعاون الصيني والروسي للتصدي لمحاولات ليندا توماس، لن يغير ذلك من ديناميكيات المجلس الأساسية، ولكن يمكنني أن أسمع في رأسي الروس يكررون هذا لها خلال العامين المقبلين".

وأشارت المجلة إلى سعي إدارة بايدن على مدى أشهر إلى وضع حقوق الإنسان في قلب دبلوماسيتها في الأمم المتحدة؛ حيث تخطط للانضمام مرة أخرى إلى مجلس حقوق الإنسان، وعكس سياسة إدارة ترامب، وناصرت الجهود المبذولة في مجلس الأمن الدولي للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في إثيوبيا وميانمار، وقالت توماس جرينفيلد للصحفيين في أول يوم لها في هذا المنصب إن "التعددية عادت والدبلوماسية عادت وأمريكا عادت ونحن مستعدون للعودة إلى العمل".

ومنذ توليها منصبها الجديد، روجت الدبلوماسية الأمريكية المخضرمة لاعتماد بيانات في المجلس المكون من 15 عضوا للتعبير عن مخاوفها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، حيث تواجه تحفظا أو مقاومة صريحة من الصين وروسيا، ولكن مع تصاعد الأزمة في غزة بسرعة، تجد إدارة بايدن نفسها معزولة سياسيا تقريبا مثل الإدارات السابقة.

تقويض مصداقية أمريكا

وقال لويس شاربونو، ممثل الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش: "تعتمد مصداقية الولايات المتحدة على التطبيق المنصف لقواعد حقوق الإنسان والقانون الدولي للجميع، الحلفاء والأعداء على حد سواء. وقال "يجب أن تكون إسرائيل على نفس المعايير الدولية مثل الجميع. إن إدارة بايدن تقوض مصداقيتها بعدم إصرارها على ذلك".

وقد طعنت واشنطن في هذا الوصف، قائلة إنها استثمرت رأسمالا سياسيا كبيرا في محاولة لإنهاء العنف، بما في ذلك من خلال اتصالات رفيعة المستوى شارك فيها بايدن ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.

وقال بلينكن فى مؤتمر صحفى مع وزير الخارجية الدنماركي: "لا نقف في طريق الدبلوماسية بل على العكس من ذلك، نحن نمارسها دون توقف تقريبا. والسؤال هو: هل سيؤدي أي إجراء معين، هل سيؤدي أي بيان معين بالفعل، من الناحية العملية، إلى تعزيز احتمالات إنهاء العنف أم لا؟"

وفي مناقشة مجلس الأمن الدولي يوم الأحد الماضي، زعم توماس جرينفيلد إن إدارة بايدن "تعمل بلا كلل من خلال القنوات الدبلوماسية في محاولة لوضع حد لهذا الصراع" وأنها "منخرطة بشكل مكثف" مع المسؤولين الإسرائيليين والمصريين وقطريين ومسؤولين في الأمم المتحدة في محاولة لنزع فتيل الأزمة، لكن البعثة الأمريكية منعت في وقت لاحق المحاولة الأخيرة من قبل النرويج وتونس والصين لاعتماد بيان يدعو إلى وقف إطلاق النار.

وادعى مسؤول رفيع المستوى في إدارة بايدن إن "الحكومة الصينية لا تهتم بإسرائيل وغزة وبالتأكيد لا تهتم بإدانة صواريخ حماس"، وقال "الحكومة الصينية تبحث عن كل فرصة لصرف الانتباه عن فظائعها وأعمال الإبادة الجماعية ضد الإيجور في شينجيانج، وفي نهاية المطاف، فإن الولايات المتحدة هي التي تقود بلا كلل من خلال الدبلوماسية مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين وغيرهم من القادة الإقليميين لوضع حد للعنف".

وقد أتاح موقف الولايات المتحدة فرصة للصين لمحاولة إظهار التزامها المتنافس بتعددية الأطراف في الأمم المتحدة. وقد قامت بكين، التي تتولى الرئاسة الدورية للمجلس هذا الشهر، بدور قيادي في شؤون الشرق الأوسط، حيث شاركت في رعاية مبادرة النرويج وتونس، الدولة العربية الوحيدة في المجلس، بتبني بيانات المجلس التي تثير الانزعاج من تصاعد العنف وتضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار.

منع قرار مجلس الأمن

ويوم الأحد قال وزير الخارجية الصينى وانج يى لمجلس الأمن خلال اجتماع طارىء إن هيئة الأمم المتحدة تحتاج إلى "اتخاذ إجراءات الآن" لوقف "العنف" ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، كما انتقد الولايات المتحدة مشيرا إلى أن الجهود الرامية إلى تبني بيان للمجلس يدعو إلى وقف إطلاق النار قد تم عرقلتها وقال: "ببساطة بسبب عرقلة دولة واحدة لم يتمكن مجلس الأمن من التحدث بصوت واحد".

وقال دبلوماسى ثالث بالمجلس: "من الواضح أنه فوز للصين أن تتمكن من استغلال الوضع" ، مشيرا إلى أن الصين اتخذت خطوة غير عادية بإحاطة الصحفيين بهذه القضية بعد مناقشة يوم الأحد. إلا أن الدبلوماسي قال، في تصريحات لمجلة "فورين بوليسي" إنه من غير المحتمل أن يفعل هذا التطور الكثير لصقل مكانة الصين أو تقليل الانتقادات الدولية لسجلها في مجال حقوق الإنسان.

واختتمت المجلة تقريرها بأن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي انتقد بايدن بشكل غير مباشر حين انتقد "الذي دافع عن الهجمات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس"، مشيرا إلى أن "بايدن قد يكون متواطئا في مقتل الفلسطينيين. وتذكروا أنه في كل مرة تسمع فيها إسرائيل زعيما أجنبيا يتحدث عن حقها في الدفاع عن نفسها، فإنها تتشجع أكثر بمواصلة قتل عائلات بأكملها أثناء نومها".

وواجه بايدن انتقادات مماثلة من الجناح اليساري لحزبه الديمقراطي في واشنطن، حيث يوبخه المشرعون التقدميون على الجهود الرامية إلى عرقلة قرارات الأمم المتحدة التي تدعو إلى وقف إطلاق النار، ولا يبدو أن الرئيس الأمريكي يرضخ للضغوط الدولية أو الانتقادات من الديمقراطيين التقدميين في الوقت الذي يضاعف فيه كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية دعمهم لإسرائيل.

Biden’s Moves on Gaza at U.N. Test U.S. Credibility