قتل وخطف وانتحار.. جرائم مروعة تهدم المجتمع المصري في عهد الانقلاب

- ‎فيتقارير

لا يكاد يمر يوم واحد إلا ونسمع عن حوادث قتل أو انتحار دامية قد تختلف ظروفها أو دوافعها، فقد انتشرت فكرة الانتحار بين البعض هذه الأيام خصوصا الشباب، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها نفسية مثل الاكتئاب أو الهوس الاكتئابي أو الفصام أو إدمان الكحول أو تعاطي المخدرات، وضغوط الأهل أو الأصدقاء أو المشكلات العاطفية، وهذا يكون بسبب عدم وجود الوعي الكافي لدى هؤلاء الشباب أو عدم وجود ثقافة كافية ووعي ديني وتقرب من الله، إضافة إلى أن الأوضاع الاقتصادية في عهد الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي والصعوبات المالية تلعب دورا هاما في نفسية الشباب وتدفعهم إلى الانتحار.

 

 نقص الوعي

حول هذه الجرائم قالت هاجر عاطف 23 عاما إن "حالات الانتحار بين بعض الشباب في الفترة الأخيرة،  سببها عدم وجود الوعي الكافي بتعاليم الدين مشيرة إلى أن التقرب من الله يجعل كل صعب سهلا تجاوزه، كما يعطي القوة على تحمل الصعاب والضغوط التي تقع على كاهل البعض ولكن الانتحار ليس هو الحل الوحيد".

وأضافت "صديقتي ألقت بنفسها من الطابق الرابع بسبب ضغوط نفسية من أسرتها فيجب من الأهل التقرب من أبنائهم وسماع مشكلاتهم  ومحاولة حلها".

وتري هاجر أن "الكثير من الشباب ينساقون وراء السوشيال ميديا، وتقليد معظم ما يحدث عليها فيعتقدون أن الأمر سهل وعلى المسئولين أن يتحركوا نحو هذا الفيروس السوشيال ميديا، بضبط آلية استخدام الناس له وعلى الإعلام وقف هذا النوع الخطر حيث نشر فيديوهات انتحار البعض وذلك برفع  الوعي بمخاطر مشاهدة مثل هذه الفيديوهات".

 

أزمة كبيرة

وقال يوسف عادل 22 عاما "الانتحار انتشر في الآونة الأخيرة بسبب عوامل نفسية مؤثرة على الشباب سواء من الأسرة أو عبء المسؤولية التي أثقلت كاهل البعض في سن مبكرة، وأشار إلى أن بعض الأُسر لا تُقدر كم الضغوطات التي يحملها الشاب ويستهينون بأعبائه والضغوط الواقعة عليه، وقد تكون المشكلة بسيطة بالنسبة للأهل ولكن عند الشاب هي أزمة كبيرة فيجب عليهم سماعه ومحاولة إيجاد حلول معه، فالشاب عندما تتملكه الضغوط لا يفكر في أي شيء سوى الانتحار وإنهاء حياته".

وأكد يوسف أن "الشاب يجب أن يفكر في الأشياء الإيجابية فقط فالحياة لا تتوقف على فقدان شيء مُعين أو شخص، الحياة مُستمرة وعلينا الاستمرار معها بالتفكير الإيجابي لحل المشكلات التي تواجهنا فيها  وعدم التفكير في السلبيات حتى لا ينتهي الأمر بالانتحار".

 

طريق الموت

وقال إسلام محمود السيد إن "الشاب يفكر في الانتحار بسبب نقص ثقافته وعلمه بدينه ونقص تفكير في الأشياء الجيدة، موضحا أنه في الفترة الأخيرة أصبح الشباب يضعون أنفسهم في المشاكل فقط فتسيطر علي حياتهم بشكل كبير ولا يبحثون عن الحقيقة أو إيجاد حلول لهذه المشكلات فأصبح أسهل شيء لهم هو طريق الموت".

وأضاف "الشاب يجب أن يفكر مع نفسه ويراجع أفكاره ويرتب مشكلاته ويسأل نفسه هل الحالة التي وصل إليها صواب أم خطأ، ويبدأ النظر لأسس الدين والمجتمع ليتعلم منها ويستفسر عبرها عن حلول ترضيه".

 

الإدمان

وقالت الدكتورة سوسن الفايد أستاذة علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية إن "هناك أسبابا كثيرة تتشابك مع بعضها البعض فتصل لحالة من الذروة تؤدي إلى اتجاه الشباب للانتحار ورغبتهم في التخلص من حياتهم، موضحة أن من أول هذه الأسباب التي لها دور كبير هي الأمراض النفسية التي تلحق بالشباب في سن صغير ويتم إهمالها وعدم وعي الأسرة بها، لأن في مصر لا يوجد ثقافة الذهاب للطبيب النفسي عند الحاجة إليه وعدم فهم أهمية المرض النفسي والطبيب النفسي وهذا بسبب الثقافة السلبية ضد العلاج النفسي".

وأوضحت د. سوسن في تصريحات صحفية أن "السبب في هذا المفهوم الخاطئ لدى المصريين هي الدراما المصرية التي تصور المريض النفسي على أنه مجنون،  كما تظهر الطبيب النفسي بشكل خاطئ وهذا يؤدي إلي تشويش في ذهن المشاهدين بشكل عام".

وأضافت أن "الإدمان مشكلة أساسية في الانتحار بسبب دخول مواد جديدة مُخلقة من الخارج تقوم بتدمير عقول الشباب، فهي تسبب نوعا من الهيستيريا أو الهلاوس أو الحالة العصبية فيخرج المدمن عن وعيه وإدراكه بما يقوم به من أفعال فمن الممكن أن يرتكب الجرائم بسببها أو يقوم بإنهاء حياته".

وأكدت د. سوسن أن "الألعاب الإلكترونية في الآونة الأخيرة ساهمت بشكل كبير جدا في انتحار شباب وأطفال، فهي بمثابة إدمان ومن الممكن أن تسبب هلاوس سمعية وبصرية ومن الممكن أن يصل الشاب بسببها لحالة من الاكتئاب أو التوحد فتنتهي حياته بالانتحار بسببها".

ولفتت إلى أن "هناك أزمة قيم كبيرة جدا فالثقافة الدينية أصبحت مُغيبة لدى الشباب، فباتوا لا يعرفون أحكام دينهم وغير واضح لهم جزاء الانتحار عند الله عز وجل ، مطالبة المؤسسات الدينية ورجال الدين وشيوخ الأزهر بالحديث عن الانتحار بشكل صارم حتى يرتدع كل من يفكر في فعل هذا السلوك".

وشددت د. سوسن على أن "النشأة الاجتماعية المحيطة بالشاب والأسرة يجب أن تحتويهم وتساعدهم في مشقات الحياة التي تواجههم، فهناك أهالي هي المتسببة في اتجاه الأبناء لهذا التفكير فيصدمهم بعد ذلك ضياع أبنائهم رغم تسببهم في ذلك ، بينما هناك ظروف أُخرى تتسبب في هذه الأفكار مثل المشكلات العاطفية والمشكلات المتعلقة بالعمل ونجاح الشخص في دراسته أو حياته فهذه الأسباب لا تُسبب الانتحار، ولكنها تكون تراكمات حياتية تواجه الشخص خصوصا لو كان الشاب صاحب نفسية ضعيفة يتأثر بأي شيء فهذا يؤدي إلي تفكيره في الانتحار".

 

رسائل تهديد

وقال الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية إن "هناك علامات كثيرة تشير إلى الإقدام على خطوة الانتحار وأهمها إهمال النظافة الشخصية واختلال الساعة البيولوچية والخرس الاختياري والانسحاب الاجتماعي وعدم المشاركة في النشاطات الاجتماعية، إضافة إلى الرسائل التي  يوجهها بعض الشباب للأسرة أو تهديدهم لها مثل، أنا هانتحر أو هاولع في نفسي أو بعض منشوراتهم على مواقع السوشيال ميديا التي تحمل تهديدا لحياتهم فهي رسالة ضمنية أنهم في طريقهم للانتحار، أو جلوسهم لساعات طويلة بمفردهم أو اختلال أوقاتهم البيولوچية وإختلال نومهم فهذا يؤدي إلي اتجاه الشباب لهذه الأفكار المؤذية".

وأضاف هندي في تصريحات صحفية أن "هناك فئة من ١٥ إلى ١٩ عاما تفكر في الانتحار دائما، وهذا يرجع لعدة أسباب مثل انخفاض مفهومهم نحو ذاتهم أو استشعارهم بأنهم أقل من الآخرين في كل شيء مثل حب الأهل واهتمامهم بأبنائهم أو قسوة أسرتهم عليهم  فهذا يؤدي إلى الاكتئاب ما يقود إلى الانتحار".

وأشار إلى أن "هناك أيضا تغيرات تحدث للجسم في بعض الأحيان ويترتب عليها  تبعات فسيولوچية من الممكن أن تؤدي للانتحار، إضافة إلي ذلك الاكتئاب وعدم معرفة المستقبل، فمن ضمن العيوب أن الآباء يتركون الأبناء مع أقران السوء فيتجهون لإيذاء أنفسهم".

 

 

القادم أسوأ

وقال الدكتور أحمد فخري أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس إن "المسخ الثقافي وانهيار القيم الأخلاقية والسلوكية هي السبب وراء تعدد هذه الظواهر السلبية فأصبحنا نرى الأخ يقتل أخاه بدم بارد والجيران لا يطيقون بعضهم البعض، وكل ذلك بسبب الانحدار السلوكي والبعد عن الثوابت الدينية واكتساب ثقافات دخيلة على المجتمع".

وحذر فخري في تصريحات صحفية من أن "القادم سيكون أسوأ إذا لم نلتفت لهذا الأمر مع وضع حلول جذرية لتنمية العلاقات الاجتماعية وبث روح العادات والتقاليد".

وشدد على "ضرورة الانتباه لما يتم عرضه من خلال الأفلام والمسلسلات التي تلعب دورا بالغ الأهمية في تكوين سلوكيات الفرد، ويتبقى دور الأب والأم في تربية أبنائهم وهو الأمر الأهم الذي بدونه لن يستقيم حالنا".