«البرهان وحميدتي وحمدوك».. الثلاثي الذي خان السودان وجعلها تحت وصاية إسرائيل

- ‎فيتقارير

إذا تخاصم اللصوص ظهرت فضائح الانقلاب في السودان، وذلك عندما يعرب اثنان منهما مثل رئيس مجلس الحكم السوداني عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، عن عدم موافقتهما على الاتصالات بين الكيان الصهيوني والفريق محمد حمدان دقلو، ولم يكن الرفض وطنيا أو ضد المحتل الصهيوني، بل لأن الاتصالات كانت من وراء ظهريهما.

ووفقا لموقع “والا” الإخباري الصهيوني، فإن البرهان وحمدوك يرون أن الاتصالات بين حميدتي ووكالة الاستخبارات الصهيونية ، الموساد، هي ضد سلطات العسكر في السودان، الذين تباهوا باتفاق لتطبيع العلاقات مع كيان العدو الصهيوني العام الماضي.

 

الموساد واليسار والعسكر

وتصاعدت مخاوف العسكر في السودان بعد هبوط طائرة صهيونية خاصة تابعة للموساد في الخرطوم، والتقى مسؤولو الموساد الذين كانوا على متن الطائرة بحميدتي في الخرطوم.

ومنذ بدء عملية التطبيع، حاول حميدتي إنشاء قنوات اتصال منفصلة مع الكيان الصهيوني، بعيدا عن العسكر والحكومة الانتقالية التي يقودها اليسار برئاسة حمدوك.

وذكرت وسائل إعلام صهيونية في أغسطس الماضي أن حميدتي التقى بمسؤولي الموساد  على الرغم من اعتراضات البرهان، وأنه واصل التواصل مع الصهاينة منذ ذلك الحين.

وفي أكثر من مناسبة، أعلن حميدتي أن بلاده ترغب في إقامة علاقات مع كيان العدو الصهيوني، وليس تطبيعا، للاستفادة من إمكانياتها المتطورة.

وبدأت بالسودان يوم 21 أغسطس 2019 فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، يتقاسم خلالها السلطة الجيش وائتلاف "قوى إعلان الحرية والتغيير"، الذي قاد احتجاجات شعبية أدت لعزل عمر البشير من الرئاسة يوم 11 أبريل من العام نفسه.

وفي 23 أكتوبر 2020 أعلن عسكر السودان تطبيع علاقتهم مع كيان العدو الصهيوني، لكن قوى سياسية عديدة أعلنت رفضها القاطع للتطبيع، بينها أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم.

ويأتي ذلك التهافت نحو أقدام العدو الصهيوني مع أنباء تؤكد وجود توترات بين "عبدالفتاح البرهان" و"حميدتي"؛ بسبب رفض الثاني دمج قوات "التدخل السريع" التي يقودها مع الجيش السوداني.

إضافة إلى ذلك، نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن مصادر مطلعة على الأمر قولها إن "حميدتي أثار حفيظة رئيس البرهان، حين عقد اجتماعا لمجلس السيادة أثناء مشاركة الأخير في مؤتمر باريس، وهو الاجتماع الذي قُرر فيه قبول استقالة النائب العام وإقالة رئيس القضاء".

وأشارت المصادر إلى أن هذه القرارات اتخذت دون مشورة البرهان، وهي محاولة من حميدتي لكسب شعبية وسط لجان المقاومة التي تُطالب بتنفيذ العدالة لقتلى الاحتجاجات.

من جهته، تحدى القيادي في تحالف “نداء السودان” فتحي نوري أن يجرؤ دعاة إقامة السلام مع كيان العدو الصهيوني على دعوة السودانيين لاستفتاء بشأن هذا الأمر، مؤكدا أنهم ينظرون لهذه الدعوات بأنها خيانة لتاريخهم وثورتهم.

ورأى نوري أن تصريحات حميدتي لا تمثل الشعب السوداني الذي انتصر للقضية الفلسطينية، ليس من أجل عيون الفلسطينيين، وإنما لأجل كرامة السودان والدفاع عن قضاياه العادلة.

بدوره، أكد الكاتب والمحلل الفلسطيني محمد هواش على أن ما يدعو إليه حميدتي وبعض القوى السياسية يمثل خيانة لتاريخ الشعب السوداني، قبل أن يكون طعنة في ظهر الفلسطينيين.

وقال هواش إن "الطامة الكبرى أن الولايات المتحدة أو كيان العدو الصهيوني أو الإمارات لم تقدم وعودا كبيرة للسودانيين لتحسين اقتصادهم فيما لو أقاموا السلام مع كيان العدو، بما في ذلك تحقيق الرخاء الاقتصادي وشطب الديون وإزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب".

وتحدث هواش عن دور تلعبه الإمارات العربية المتحدة لجر السودان إلى قائمة المطبعين مع كيان العدو، مؤكدا رفض الفلسطينيين كل المبررات التي يسوقها دعاة التطبيع العرب، وزعمهم أن ذلك يصب في مصلحة القضية والشعب الفلسطيني، وقال إن الفلسطينيين لن يقبلوا بأن يساوم أحد على حقهم.

 

الخيانة والعسكر

وذهب السفاح السيسي إلى أبعد من حميدي والبرهان وحمدوك، وطالب جميع الحكام والزعماء العرب إلى الاقتداء بمشروع السادات، الذي أثبت واقعيته وجدواه بعد أكثر من أربعين سنة، على حد قوله، وهو ما تبعه توقيع اتفاقيات سلام منفردة مع الأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب.

وقال السفاح السيسي في الندوة التثقيفية الـ34 للقوات المسلحة "قرار الرئيس السادات  ومبادرته للسلام، هو القدرة على قراءة وتجاوز أدبيات مستقرة في عصره"، لافتا إلى أنه استطاع بجرأة تجاوز أدبيات ولغة وثقافة ومبادئ العصر، وأنه كان على قناعة أنها لن تستمر بعد حرب 6 أكتوبر ولا بد من تجاوزها بمفاهيم جديدة، وهذا هو الواقع الذي أصبح موجودا، والذي يؤكد أن هذه قراءة سابقة لعصرها.

وتوجه بدعوته إلى الحكام العرب قائلا "أتمنى كما أن الرئيس السادات تجاوز كثير من القضايا في منطقتنا، أن يستطيع الحكام والمسؤولون عن إدارة الأزمات فيها، أن يتجاوزوا أدبيات ومفاهيم مستقرة وينطلقوا لأعماق أفضل، ذلك (في إشارة إلى التطبيع مع إسرائيل)، متسائلا "لا أدري هل هذا الحديث سوف يؤخذ به أم لا أعرف؟".

من جهته، اعتبر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى السابق، رضا فهمي، أن "السيسي استطاع بناء نموذج من العلاقات مع إسرائيل على المستوى الأمني والعسكري والسياسي لم يتكرر مع أي دولة عربية أخرى في المنطقة، ولا توجد علاقة مع أي بلد تشبه العلاقة مع إسرائيل، حتى أصبحت علاقة إستراتيجية لأنه لم يأت باختيار شعبي، إنما بانقلاب عسكري ويعتقد في إسرائيل أنها القادرة على دعمه وتثبيته في حكمه".

من جهته، وصف الخبير العسكري والضابط السابق في الجيش المصري، العقيد عادل الشريف، السلام مع دولة الاحتلال، بأنه "سلام الثعابين"، وقال "أي سلام مع هذا الكيان هو سلام شكلي ثعباني؛ لأن الثعابين الصهيونية طامحة في أكل بيض الحمام المصري ومن حوله العربي".

وأوضح "كان عبد الناصر هو الذي وفر الظروف الكاملة لينتهزها السادات ويبني عليها مبارك ويتألق في تأكيدها وتألقها السيسي، ولكنه يبقى رغم كل ما بذل من أجله، سلاما شكليا باردا، ولم يكن دافئا أبدا كما يزعم قائد الانقلاب".

الرهان على الشعوب والصفوة المثقفة من هذه الشعوب بصفة خاصة، بحسب الشريف- لمناهضة مشروع التطبيع الذي يدعو له السيسي، مشيرا إلى أن "السيسي هو الذي يتقرب للاحتلال وبعض النفعيين، وهذا ليس بجديد، ولكن الفارق أن العلاقات مع هذا الكيان قبل السيسي كانت تحت الطاولة، وفي عهده أصبح "التطبيع" أسلوب حياة".