“روس آتوم” تبتلع الحلم النووي المصري!

- ‎فيأخبار

كتب- أحمدي البنهاوي
منذ فبراير 2015، وقع "السيسي" و"بوتين" اتفاقيتين نوويتين لإنشاء وتشغيل محطتين لإنتاج الكهرباء فقط مع روسيا، منح السيسي بموجبهما موسكو مشروعا تجاريا واقتصاديا بحتا في محطة الضبعة النووية؛ يصبّ في صالح شركة "روس آتوم" الحكومية الروسية، ويعرض البلاد لكارثة اقتصادية كبرى، وينقل مصر من "الحلم" النووي إلى الكابوس الانقلابي.

حتى إن القرار "الجمهوري" لم يتضمن تمليكًا لصالح سكان الضبعة، كما هيأ الإعلام الانقلابي، وإنما خصص في 19 نوفمبر 2014، في يوم ميلاده المشؤوم، 2300 فدان لصالح وزارة الدفاع؛ لاستغلالها في إقامة تجمع عمراني سكني لأهالي منطقة الضبعة، وللعاملين بالمحطة، بالإضافة إلى الخدمات اللازمة للمنطقة والمشروعات الأخرى.

ثمن التكتم

وبسبب التكتم الروسي على حادث طائرة الركاب الروسية التي تحطمت وقتل جميع ركابها فوق سيناء، ستدفع مصر جزءا من ثمن السكوت، يقدر بـ10 مليارات دولار في صفقة واحدة، فالشركة الروسية التي ستبني المفاعل النووي التركي هي نفسها التي ستبني المفاعل النووي المصري بنفس المواصفات، ولكنها ستنفذه لتركيا مقابل 20 مليار دولار، وتنفذه لحكومة الانقلاب العسكري بـ29,4 مليارا.

حتى إن رئيس شركة "روس آتوم" الروسية المنفذة لمشروع الضبعة النووي، أكد أن العائد للشركة من بناء المحطة النووية فى الضبعة يتجاوز تكلفة بنائه إلى النصف.

وأشار التلفزيون الروسي- في تقرير له- إلى أن روسيا ستقوم بتمويل 85% من قيمة المشروع، على شكل قرض بفائدة سنوية 3%، بينما توفر مصر باقي التمويل 15%، على أن تسدد قيمة المحطة كاملة من مصر عقب الانتهاء من إنشائها وتشغيلها.

وأعلن السيسي ورئيس حكومته الانقلابية، فرض حظر النشر فيما يتعلق بمشروع محطة الضبعة النووية، إلا بعد الرجوع للجهات الأمنية المعنية، ومكتب وزير الكهرباء، وذلك الحظر سار على وزارات النقل والمالية.

المفاعل الإماراتي

وكما يقولون "إذا عرف السبب"، فقد كشف د. إبراهيم العسيري، المستشار السابق لهيئة المحطات النووية، في تصريحات صحفية، عن أن هناك خمس نقاط رئيسية غير مفهومة في العقد، وتفتح المجال لتساؤلات لا تنتهي، وتجعله يؤكد أن "العقد الذي وقعته حكومة الانقلاب مع الجانب الروسي بشأن إقامة محطة نووية في منطقة الضبعة، قائلا: إنه "لا يوافق على العقد الذي وقعته الحكومة المصرية، لا من حيث الشكل ولا المضمون".

وقال: "أول هذه النقاط هو أنه عندما نقارن بين المفاعل النووي الذي ستبنيه روسيا في مصر، ومفاعل آخر تبنيه كوريا الجنوبية في الإمارات، يتضح لنا أن الفارق كبير جدًا. مشيرا إلى أن المفاعل الإماراتي بقدرة أكبر من المفاعل المصري، بالنسبة للوحدة الواحدة (1200 ميجاوات في مصر، و1400 ميجاوات للوحدة الواحدة في مصر).

وأضاف أن "المفاعل الإماراتي تم بناؤه في غضون 5 سنوات فقط، بالرغم من أن قدرته أكبر، فيما سيتم بناء المفاعل النووي المصري في 9 سنوات كاملة بالرغم من أن قدرة التوليد أقل.

وأوضح أن "المفاعل الإماراتي الأكبر قدرة والأقصر في مدة البناء، تكلف بناؤه أقل قليلًا من 20 مليار دولار أمريكي، دون أن يشير إلى تكلفة المفاعل الروسي في مصر الذي يتكلف 25 مليار دولار، إضافة إلى 15% أخرى يتحملها الجانب المصري ما يصل بتكلفة المفاعل إلى حوالي 30 مليار دولار، وهو رقم مبالغ فيه جدا، وفيه إهدار لأموال الشعب".

ولأن الشيطان يكمن في التفاصيل، فقد كشف "العسيري" عن أن فكرة أن إدارة مصر للمحطة غير واقعية، وقال: إن "العقد الروسي لا يشمل شرط تشغيل عمالة مصرية أو مهندسين مصريين، وكذلك متخصصين لعمليات صيانة المفاعل".

أما النقطة الخامسة، فيرى أن سعر فائدة القرض في العقد الروسي، وإن كان قليل نسبيًا (3%)، إلا أن "الحكومة" لو تشاركت مع دول أخرى في بناء مفاعل نووي، ستكون أسعار الفائدة على الأكثر لا تزيد عن (1%)، كما في اليابان أو كوريا الجنوبية كمثال.

إرساء لا مناقصات

وزير الكهرباء الانقلابي محمد شاكر، أعلن في يناير 2015، عن إبداء 6 شركات من الصين وفرنسا واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية وروسيا، اهتمامها بتنفيذ المشروع، وأنه سيتم طرح مناقصة عالمية أمام هذه الشركات لتقديم عروضها، وذلك بقرار من رئيس الجمهورية!.

إلا أن "شاكر" نفسه "جيء به" كما أشار بذلك الكاتب الصحفي عادل صبري، رئيس تحرير موقع مصر العربية، ليشارك توقيع "السيسي" و"بوتين"، في فبراير 2015، على اتفاق لإنشاء أول محطة نووية في مصر، على هامش زيارة بوتين لمصر، وفوجئ الجميع بأن مذكرة التفاهم تم توقيعها مع الجانب الروسي، دون مناقصات، وتضمنت إسناد المشروع لشركة روس آتوم الروسية، والذي يشمل إقامة محطتين في المرحلة الأولى، تصل تكلفتهما إلى 10 مليار دولار، وبقدرة إنتاجية 1200 ميجاوات وليس 1400 ميجاوات لكل محطة.

وكسة 19 نوفمبر

وقع القائد الانقلابي اتفاقيتين للتعاون المشترك، ومذكرة تفاهم بين مصر وروسيا، تضمنت الاتفاقية الأولى التعاون بين البلدين فى مجال إنشاء وتشغيل محطة الطاقة النووية، وتضمنت الاتفاقية الثانية تقديم قرض حكومى روسي ميسر لمصر لتمويل إنشاء محطة الطاقة النووية.

غير أن المُراجع للقرار يعلم أننا أمام "مشروع سوف تقيمه الشركة الروسية التي تستحوذ حاليا على ثلث المحطات النووية التي تبني حديثا في العالم"، وهو ما يعني احتكار الشركة الحكومية الروسية للمشروع؛ إنشاء وتركيبا وتشغيلا وإدارة لمشروع سيمتد لنحو ٣٥ عامًا على الأقل، فضلا عن توريد ومراقبة التشغيل وتصدير الخامات النووية والتصرف فيها طوال فترة المشروع.

ويعرف مشروع الضبعة فنيا بذي الاتجاه الواحد، أي أنه سيعمل فقط لإنتاج الكهرباء، لا لتحلية مياه البحر أو الأغراض الدفاعية، وستكون مغلقة تمامًا وتقدم لمصر بنظام تسليم المفتاح.

المخزنجي والباز

ومن أذرع الانقلاب الإعلامية و"العلمية"، يتفق د. محمد المخزنجي، الكاتب الصحفي، ود. فاروق الباز، مدير مركز الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء بجامعة بوسطن الأمريكية، في أن "مصر غير مؤهلة لخوض تجربة الطاقة النووية". معتبرين أن قرار إنشاء مفاعل نووي فى الضبعة "قرار سياسى غير مدروس"، مستشهدا بكبرى دول العالم التي فشلت في التخلص من المواد المشعة الناتجة عن التفاعلات النووية.

 

تفاصيل قرض روسيا النووي لـ«السيسي»: فائدة 3% والسداد على 22 عاما   وسط تكتم مصري.. موسكو تكشف تفاصيل جديدة حول محطة الضبعة النووية: التكلفة 26 مليار دولار والتنفيذ خلال 12 عاماً