اختفاء المعارضة وسيطرة الفلول.. “4” سمات أساسية لبرلمان الانقلاب المقبل

- ‎فيتقارير

بكل تأكيد سوف يختلف شكل البرلمان المقبل التابع لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، عن البرلمان الحالي الذي انتهت دورته البرلمانية في بعض السمات والملامح اتساقا مع ما جرى في تصميم وهندسة تشكيل ما يسمى بمجلس الشيوخ.
وثمة شبه إجماع بين الخبراء والمحللين بمختلف ميولهم وانتماءاتهم بأن هندسة وتشكيل البرلمان المقبل جرت في دهاليز وغرف أجهزة السيسي الأمنية، التي تسعى بكل إصرار إلى برلمان أكثر طوعا وخنوعا من البرلمان السابق.

السمة الأولى أن البرلمان المقبل سوف يهمين عليه رجال الأعمال، فتشكيل البرلمان أكثر تعقيدا من تشكيل مجلس الشيوخ؛ فالأجهزة الأمنية التي هندست البرلمان بالفعل قبل عدة شهور ترغب في تطعيم قوائم مجلس النواب بأعداد محدودة للغاية من المرشحين الحزبيين، في مقابل التوسّع لصالح المرشحين من رجال الأعمال وأصحاب الملايين الذين سيتحمّلون التكلفة الفعلية للانتخابات".
وبلغ سعر المقعد في القائمة المغلفة لحزب "مستقبل وطن" ما بين 20 إلى 50 مليون جنيه، وربما تصل لأرقام تفوق ذلك بكثير ويتردد أن أحد التجار الكبار بسوهاج والمعروف بتهريب الآثار، اتفق مع قيادة أمنية رفيعة على دفع 28 مليون جنيه مقابل ضمه للقائمة.
حتى الكوتا المخصصة للشباب، باتت محجوزة لأبناء رجال الأعمال الكبار، الذين يملكون الأموال اللازمة لدفع ثمن المقعد، والأمر لا يتوقف على الطامعين في الدخول بالقائمة المغلقة فهناك طامعون تفاوضوا على المقاعد الفردية؛ على اعتبار أن المرشح تحت لافتة "مستقبل وطن" سيضمن الفوز بالمقعد على الأرجح في ظل سيطرة الأجهزة الأمنية على مسرحية الانتخابات من الألف إلى الياء.
لكن بالطبع سعر المقعد الفردي أقل من مقعد القائمة لأن القائمة سيضمن الفوز أما الفردي فربما يواجه منافسة من آخرين ظنوا أن الاعتماد على عوائلهم كفيل بالفوز بدلا من دفع هذه المبالغ الطائلة. وقد اعترف مرتضى منصور بذلك صراحة مؤكدا أن المنضوين في قائمة حزب "مستقبل وطن" دفعوا عشرات الملايين من أجل الظفر بالمقعد! فعلى كم سيحصل هؤلاء بعد فوزهم بالمقعد؟ ألن يعوضوا ما أنفقوه عشرات وربما مئات الأضعاف؟

السمة الثانية، هي التواجد الكثيف لرجال عهد مبارك بقوائم "مستقبل وطن"، وقررت الأجهزة الأمنية الاستعانة بعدد من رموز نظام الرئيس الراحل حسني مبارك، في القائمة المغلقة بهدف الاستفادة من نفوذهم في بعض الدوائر الانتخابية. منهم، وزير الإنتاج الحربي السابق سيد مشعل، على مقاعد القائمة عن دائرة شمال ووسط وجنوب الصعيد. كما دفعت القائمة بترشيح رجل الأعمال البارز محمد أبو العينين عن الدائرة نفسها، الذي سبق أن شغل منصب رئيس لجنة الصناعة في مجلس الشعب السابق (البرلمان). هناك أيضا رئيس نادي سموحة الرياضي، رجل الأعمال الآتي من الاسكندرية، محمد فرج عامر، ورئيس لجنة الشؤون العربية في آخر دورتين لبرلمان مبارك، اللواء سعد الجمال. هناك أيضًا، نائب الحزب الوطني عن دائرة المراغة في سوهاج همام العادلي، والقيادي العمالي في حزب مبارك السابق جبالي المراغي، والنائب السابق عن الحزب في قنا معتز محمود، الذي يشغل حاليًا منصب نائب رئيس حزب "الحرية المصري"، علاوة على رئيس ائتلاف "دعم مصر" الحالي عبد الهادي القصبي، المعين من مبارك في مجلس الشورى السابق، بخلاف العشرات من نواب الوطني السابق والذين تربطهم علاقات وثيقة بجهاز أمن الدولة.

السمة الثالثة، الغياب التام لجميع أشكال المعارضة واختفاء كتلة "20ـ30"، فمسرحية انتخابات البرلمان ستكون نسخة مكررة من مسرحية انتخابات مجلس الشيوخ؛ وسوف تستحوذ قائمة "من أجل مصر" المشكلة برعاية الأجهزة الأمنية على الغالبية الكاسحة من المقاعد من دون اعتبار لأحزاب المعارضة التي أُقصيت تمامًا من المشهد السياسي بطريقة خشنة، أو حتى لأحزاب الموالاة، مثل "النور" السلفي و"المحافظين" و"السلام الديمقراطي" و"مصر بلدي"، التي لفظها النظام الحاكم من تحالفه الانتخابي.
ولن تسمح الأجهزة الأمنية بوجود نواب تكتل "20ــ30" الذي أبدى هامشا من المعارضة في بعض المواقف ورغم أنهم لم يكن لهم تأثير يذكر إلا أن الأجهزة الأمنية لن تسمح بوجود أي هامش معارضة على الإطلاق. والأرجح أن يقومن حزب الوفد بهذا الدور بعد أن جرى تهميشه وتخصيص نحو 20 مقعدا فقط للحزب بالقوائم على مستوى الجمهورية؛ الأمر الذي دفع الهيئة العليا للحزب إلى إعلان الانسحاب من القائمة وعدم التنسيق مع أي حزب بشأن الانتخابات، رغم إصرار رئيس الحزب بهاء الدين أبو شقة على البقاء في قائمة الأجهزة الأمنية.

السمة الرابعة، انتهاء دور حزب النور السلفي، وقد أبدى النظام عن هذا التوجه في مسرحية مجلس الشيوخ؛ إذا جرى استبعاد مرشحي الحزب من القوائم المغلقة لحزب "مستقبل وطن"، وعلى المقاعد الفردية خرج الحزب بصفر كبير رغم أنه قد تقدم بـ 16 مرشحا؛ الأمر الذي فسره مراقبون ومحللون بأن دور حزب النور قد انتهى ولم يعد نظام السيسي في حاجة له بعد أن جرى استخدامه في مشهد الانقلاب كواجهة إسلامية لتبرير جريمة الانقلاب والزعم بأن هناك رأيا عاما كاسحا يؤيد الإطاحة بالرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي. وثمة تقارير تنقل عن مصادر مطلعة بالنظام تؤكد أن الفترة المقبلة سوف تشهد حل الحزب؛ لأن السيسي لا يريد أي دور لأي حزب له مسحة إسلامية حتى لو كان خادما للنظام ويبدي أعلى درجات الانصياع لأجهزته الأمنية.